للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يجنحُ بها إلى أن تكون مخصوصةً بجودةِ التصنيف لا غير ـ هذا إن لم يكن لتَبَايُنِ مؤقف الرجلين من محنة خلق القرآن أثراً في هذا الحكم، فإنّ ابْنَ أبي حاتم نَقَلَ عن كتب الفلاس أكْثَرَ مما نَقَلَ عنْ كتب علي بثلاثة أضعاف، وأسْعَفَه ما فيها من النّقُول المهمة، ليُطلق ذلك الحكم الذي حير الكثيرين، وأما أنْ يُظَنّ بابن أبي حاتم أنّه يرى الفلّاسَ أعْلَمَ من ابن المديني، فهو إلى الْبُعْد ما هو، والنّاسُ سواءٌ في دفعه، شُدَاتُهُم والمنتهون، وهو فوْقَ ما قلناه لا يتّسِقُ مع ما يتلو من قوله: «بصري صدوق» (١).

ويدلّ لما قلنا أنّ الرّعيلَ المتأخّر من المتقدمين كانوا يرون للفلاس شُفوفاً في جودة الترتيب وحُسْن التأليف، قال الرامهرمزي (ت ٣٦٠ هـ): «وسمعْتُ من يذكر أنّ المصنفين ثلاثة؛ فذكر أبا عُبيد القاسم بن سلام، وابن أبي شَيْبة، وذكَرَ عمرو بْنَ بَحْرٍ في معناه» (٢)؛ وهي كلمة فضل فيما انتحيْناه.

٤ - من عادات المؤلّف في الكتاب:

راعى المؤلف روابط خفيّةً وترتيباتٍ في منهج التصنيف؛ منها:

- المزج بين مباحث التاريخ ومباحث العلل.

- رعي المتشابهين والمتناظِرِين من الرواة في الطبقة، بالسن أو الحال من الضّعْف أو الْوَثاقة، ولو من طرف خفي:

مثاله: أنّ الكلامَ عنْ أجْلحٍ يأتي بعْدَ الكلامِ عنْ فِطْرِ؛ وفي وجه ارتباط هذا الخبر بالذي قبله نُكْتةُ؛ وهي أن فطراً كان يُنظر بأجلح؛ قال عبد الله بن أحمد: «سمعْتُ أبي يقول: ما أقربَ الأجْلَحَ منْ فِطْرِ بن خليفة» (٣). وزد عليه أن كليهما شيعي. وهذا من جوانب التداعي المعنوي في ذهن الفلاس أثناء


(١) الجرح والتعديل: ٦/ ٢٤٩؛ ر: ١٣٧٥.
(٢) المحدث الفاصل: ٦١٤؛ ر: ٨٩٣.
(٣) العلل ومعرفة الرجال: ٢/ ٤١٣؛ ر: ٢٨٤٩.

<<  <   >  >>