للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لَمَحاتّ عن الكتاب ومنهجه

[١ - هل هذا هو كتاب الضعفاء؟]

من محاذير ذكر الضعفاء في عنوان كتابنا هذا أنّ المجتزئ به دون بقيّةِ كتب المؤلّف قد يتوهمه المذكور كثيراً في تضاعيف كتب الرجال باسم «الضعفاء» أو «تضعيف الرّجال»، وهو ما تفيده أيضاً عبارةُ ابْنِ خَلْفُونِ الْأَوْنَبي: «وله كتاب في الضعفاء منْ أهْل البصرة» (١)، مع أنّ المغايَرةَ بين كتابي العلل والضعفاء متحققة، وأدنى ما يكفي في إثباتها أنّ الخطيب البغدادي تملك الكتابين معاً وورد بهما دمشق، وسَمّاهما دون أنْ ينْسُقَهما معاً، بل ذكر الثاني مُتَراخياً عن الأوّل بعنوانين (٢)، فلعل كتاب الضعفاء أشملُ منْ كتابنا الذي قَصَرَهُ الفلاسُ على ثقاتِ وضُعفاء أهل البصرة، مُنْضافاً إلى ذِكْرِ قضايا علليّة؛ فليس مُخَلّصاً للضعفاء، بدليل أن كثيراً من كلام الصيرفي في ضَعَفَة الرواة لا يتضمنه الجزء الذي بين يديك. فضلاً عن أن أقوال الفلاس المنقولة عنه خارج كتابي التاريخ والعلل، أكثر دلالة على شخصيّته في الجرح والتعديل، وهي أطولُ نفساً وأوسعُ مَدى في تحرره الظاهري من النقل، وهجومه على النقد، بخلاف ما في كتاب العلل، فإنّه استمسك بعِصَمِ الرّواية عن شيوخه فحسب، التزاماً بشرطه الذي بَسَطَه في عنوان الكتاب الطويل، وهو الاحتكام إلى أقوال مشايخ البصرة.

ويزيدُ دلالةً على تمام الْمُغَايرة بين الوضعين، مَيْزُ ابْنِ خَيْرٍ الإشبيلي (ت ٥٧٥ هـ) بينهما؛ وإدلاؤه إليهما بسندين مُتباينين؛ فقال عن تضعيف الرّجال:


(١) المعلم: ٤٤٠؛ ر: ٣٧٢.
(٢) تسمية ما ورد به الخطيب دمشق من الكتب من روايته: ٢٩١.

<<  <   >  >>