للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ج - الْبُعْدُ البلداني في التصنيف:

هذا أوّلُ كتاب يصلنا يختص بنُقُود أهْلِ الرّواية من طريق مشايخ البصريين، وقد تلته كتب بمعنى أعمّ لم تصلنا؛ منها أخْبارُ الْبصْرة، لعُمَرَ بن شَبّة (١)، وابْن أبي خيْثَمة (٢)، ولا يُظَنّ بهاته أن تكون مقصورةً على تبيان أقوال علماء البصرة دون غيرهم. وفي هذا الإفراد على هذا الوجه ترفيع من المؤلّف ببلده، وإعلاء لشأْوِ مَشَايخه، وإقرارٌ مِنْهُ لِسَدَنة علم الحديث منهم؛ أعني: شُعبة ويحيى وعبد الرّحْمن.

وقد عُرف البصريون بالتحرز في الرّواية وتحري الألفاظ، حتى قال الإمام أحمد: «ما رأيْتُ قَوْماً سودَ الرّؤوس في هذا الشّأن مثل أهل البصرة - يعني: الحديث والألفاظ -، كأنهم تعلموه منْ شُعبة» (٣)، وقد أدرك هذا الأمْرَ كبار النّقَدة كابن المبارك، فقد قال له ابن مهدي: «أهْلُ الكوفة ليس يبصرون الحديث. فقال: كيف؟!». ثم لقيه بعد ذلك، فقال له: «وجدتُ الْأمْرَ على ما قلت». وعلله أبو عبد الله بأنّهم كانوا يسألونه عن رأي حمّاد والزهري، وأحاديث الصغار (٤).

والملاحظ أنّ أبا حفص يقصد بالبصريين مَنْ كان من البصرة أصالة أو وْرَدَ عليها أو مات بها ممّن ليس من أهلها صليبةً، فيقع له تسامح في تعيين البصريين، بوقوع اسمهم على الكوفيين والمؤصليين وغيرهم من الطارئين على البصرة وما صَاقبها. فقد أورد خبراً عن الْمُغيرة بن زياد (٥)، وهذا مؤصلي وكذلك ذكر أبا معْشَرٍ نجيح بن عبد الرحمن السندي، وهو مدني (٦). وإسماعيل الْمَكْيّ (٧)، لكنّه بصري الأصل، وإنّما يقال له المكّي؛ لأنه سكن مكة (٨). وذكر


(١) الإنابة لمغلطاي: ١/ ٣٦٢.
(٢) الإنابة: ١/ ٥٦.
(٣) سؤالات أبي داود: ٢٠٠؛ ر: ١٤٠.
(٤) سؤالات أبي داود: ٢٠١؛ ر: ١٤٢.
(٥) العلل: ر: ٢٢٢.
(٦) العلل: ر: ٢٥٨.
(٧) العلل: ر: ٢٢٣.
(٨) سؤالات أبي داود: ١٧٢؛ ر: ٢٨.

<<  <   >  >>