للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

سياقات النصوص والإغماض في ذِكْر المتون باختصارها حِيناً والاجتزاء بطَرَفِ بعضها دون تمامها حيناً، خصوصاً فيما يورده حكاية لمجالس النقاد، وهي كما تعلم مثارٌ لقضايا تروجُ بين ذوي الصنعة، وفيها من الاختزال والْحَوَالَة والتضمين والاقتصار على كنى الرواة ومجرّد أسمائهم، واقتضاب النصوص والإيماء إليها برؤوس المسائل، وإرسال الاصطلاح لم يصر بعد مشكوكاً، واشتراع الأحكام النقدية بعباراتٍ طويتْ عن مجال التداول، وإيراد الإسنادِ مُجرّداً عَنْ مثنه تعويلاً على اشتهاره وما هو بمشتهر اليوم. فإن انضاف إلى مَا مَرّ تضحيفٌ مُلْبِسٌ أوْ سَقَط خفي، كانَ التفطن للْمَرادِ أَبْعَدَ منالاً وأعزّ إدراكاً؛ فمنه أنّه حكى عن شيخه القطان أنّه كان يقولُ في الرّهْن: إن كان بأَكْثرَ مما يَسْوَى، فهو بما فيه، وإن كان بأقل رُدّ عليه الفضل (١). وفي المسألة اسْتِغْلاقُ جرّه اختصار دعا إليه اشتهارُ المسألة في حينه؛ وتفصيلها: «فِي الرهن: يَهْلِكُ في يدي الْمُرْتَهِن؛ إنْ كانتْ قيمته والدين سَوَاءٌ، ضاع بالدين، وإن كانتْ قيمته أقل من الدين، رَدّ عليه» (٢). وليس هذا ممّا يُدْرَكُ بداهة.

ومن مصاعب تحقيق هذا السفير أيضا، التردد في اعتبار ما هو من كلام المؤلّف جمْلةً واحدةً أَوْ جُمَلاً؛ فإنّ بعض الفقرات تتضمن حكما نقدياً على راو من الرواة تستحق أنْ تُفْرَد برقم خاص، وبعضها أحياناً يتعلّق بسؤال أو قضية تتعلّق بأمثلة متعدّدة، فهل يسوغ إفرادها لأنّ كلّاً منها قضيّةٌ بعينها أم يجوز الجمع بينها تعلة الخيط المعنوي الذي ينتظمها؟.

وكان من نتائج النظر في تصحيح الكتاب، أنّ ممّا يُسْتَعانُ به على إدراك سياق الخبر المرويّ في النّقد خاصةً طلبه منْ وُجوه شتى لا من وجه واحد، فإنّ الحكاية المنقولة - للمثال ـ عن يحيى القطان، قد تجدها محكيّةً لابن


(١) العلل: ر: ٥٨.
(٢) ن: مزيد التعليق على المسألة في موضعها من الكتاب.

<<  <   >  >>