للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال عبد الله بن أبي ربيعة: صدق؛ إن بايعت عثمان قلنا سمعنا وأطعنا. فشتم عمّار ابن أبي سرح وقال متى كنت تنصح المسلمين؟ فتكلم بنو هاشم وبنو أمية. فقال عمّار: أيها الناس إن الله ﷿ أكرمنا بنبيه وأعزنا بدينه؛ فأنّى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم؟! فقال رجل من بني مخزوم: لقد عدوت طورك يا ابن سميّة. وما أنت وتأمير قريش لأنفسها؟ فقال سعد بن أبي وقاص:

يا عبد الرحمن، افرغ قبل أن يفتتن الناس. فقال عبد الرحمن:

إني قد نظرت وشاورت. فلا تجعلن أيها الرهط على أنفسكم سبيلا.

ودعا عليّا فقال: عليك عهد الله وميثاقه لتعملنّ بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخليفتين من بعده. قال: أرجو أن أفعل وأعمل بمبلغ علمي وطاقتي. ودعا عثمان فقال له مثل ما قال لعلي. قال:

نعم. فبايعه. فقال عليّ: «حبوته حبو دهر (١)» ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا «فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ» (٢) والله ما ولّيت عثمان إلا ليردّ الأمر إليك، والله «كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ» فقال عبد الرحمن: يا عليّ، لا تجعل على نفسك سبيلا، فإني قد نظرت وشاورت الناس فإذا هم لا يعدلون بعثمان. فخرج عليّ وهو يقول: سيبلغ الكتاب أجله. فقال المقداد: يا عبد الرحمن، أما والله لقد تركته … من الذين يقضون بالحق وبه يعدلون. فقال: يا مقداد، والله لقد اجتهدت للمسلمين. قال: إن كنت أردت بذلك الله فأثابك


(١) في العقد الفريد ٢٧٩:٤ «قال علي حبوته محاباة».
(٢) سورة يوسف آية ١٨.