للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الله بن عمر : أنه كان مع عمر في حجّ - أو عمرة - قال: فبينا نحن نسير إذا نحن براكب متعجل. فقال عمر إني لأظن هذا يطلبنا، فأنخ لا نشقّ عليه، فأنخنا، وذهب عمر يبول وجاء الراكب وقال لابن عمر: أأنت عمر؟ قال: لا، قال: لقد زعم أهل الماء أن عمر مرّ آنفا. قال: فبال عمر ثم جاء، فبكى الرجل فقال عمر : ما يبكيك؟ إن كنت غارما أعنّاك، وإن كنت خائفا أمناك، إلا أن تكون قتلت نفسا، وإن كنت خفت جوار قوم حولناك عن مجاورتهم. فقال الرجل: لا، ولكن شربت الخمر وأنا أحد بني تميم، فأخذني أبو موسى فجلدني وسوّد وجهي وطاف بي في الناس، وقال: لا تؤاكلوه ولا تشاربوه ولا تجالسوه.

فحدثت نفسي بإحدى ثلاث: إما أن أتخذ سيفا فأضرب به أبا موسى، وإما أن آتي المشركين فآكل معهم وأشرب، وإما أن آتيك فترسلني إلى الشام فإنهم لا يعرفونني. فبكى عمر ثم قال: إني كنت من أشرب الناس لها في الجاهلية، وإنها ليست كالزنا، وما يسرّني أن رجلا لحق بالمشركين وأن لي كذا وكذا، ثم كتب إلى أبي موسى : إن فلان بن فلان التميمي أخبرني بكذا وكذا، وايم الله لئن عدت لأسودنّ وجهك وليطاف بك في الناس، فإن أردت أن تعلم أحقّ ما أقول فعد وأمر الناس فليؤاكلوه وليجالسوه، وإن تاب فاقبلوا شهادته. وكساه عمر حلّة وحمله وأعطاه مائتي درهم (١).


(١) ورد مختصرا في مناقب عمر لابن الجوزي ص ١٣٣.