للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وسرّيته عقيلة لها قصعة (١) غادية رائحة يأكل منها أشراف الجند. قال: اكتب، فكتب. قال: فما لبث إلا يسيرا حتى قدم أبو موسى. فمشيت إلى جنبه أغبطه وأذكر أمير المؤمنين به حتى جاء إلى أمير المؤمنين، فقال: ما بال أربعين (٢) اصطفيتهم لنفسك من أبناء الأساورة؟ قال: يا أمير المؤمنين، اصطفيتهم وخشيت أن أن يخدع الجند عنهم ففاديتهم واجتهدت في فدائهم، وكنت أعلم بفدائهم، ثم خمّست وقسّمت. قال ضبّة: وصادق والله؛ فو الله ما كذب أمير المؤمنين ولا كذبته. قال: فما بال هذا المكيال الذي تكتال به وتكيل للناس بغيره؟ قال: مكيال أكيل به قوت أهلي وأرزاق دوابي، ما كلت به لأحد ولا اكتلت به لأحد. قال ضبة:

وصادق والله: فما كذب أمير المؤمنين ولا كذبته. قال: فما بال قصعة عقيلة الغادية الرائحة؟ قال: فسكت فلم يعتذر منها بشيء، فقال لوفده أنشد الله رجلا أكل منها مارمّ (٣) القوم. ثم عاد، فقال وكيع بن بشر التميمي: قبّح الله تلك القصعة ما أحلّ لنا ما قد أصبنا منها (٤)، فقال عمر : لا جرم، والذي نفس عمر بيده لا ترى عقيلة العراق ما دمت أملك شيئا، فاحتبسها عنده، قال


(١) في تاريخ الطبري ق ١ ج ٢٧١١:٥، والكامل لابن الأثير ٤٧:٣ «وسريته تدعى عقيلة تغدى جفنة وتعشى جفنة».
(٢) في الكامل لابن الأثير ٤٧:٣ «ستين» وكذا في تاريخ الطبري ق ١ ج ٢٧١١:٥.
(٣) الرم والارتمام: تمام الأكل، ورم الشيء رما: أكله، وقال ابن الأعرابي:
رم فلان ما في الغضارة إذا أكل ما فيها (تاج العروس).
(٤) ما بين الرقمين عبارة مضطربة في الأصل وهي أقرب لما يلي «فأنى لرجل ليأخذ إصبعا منها» والمثبت يرجحه السياق.