للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ك -

منتصف القرن الثاني الهجري وحتى وقتنا هذا والكتابة في سيرة الرسول شغل كثيرين من مفكري الإسلام. وقد أحصى السخاويّ المتوفى سنة ٩٠٢ هـ حوالي مائة مؤلف تتناول السيرة العطرة، ولعلها الآن قد تجاوزت الآلاف.

وقد اشتغل بعض المؤرخين المسلمين بالتأريخ للمدن الإسلامية، وأخذت كتابتهم صورا متعدّدة من صور المعالجة التاريخية. وإذا كان التأريخ لبعض المدن جاء عرضا في كتب السيرة إلا أنها لم تحظ بوقفات طويلة تروي ظمأ، أو تشفي غلة، اللهم إلا ما كان يتصل بمدينة الرسول صلوات الله وسلامه عليه أو بمكة المكرمة. لكن تاريخ المدن تناول جوانب عديدة يجد فيها الطالب بغيته.

ويقال إن التأريخ للمدن نشأ في القرن الثالث الهجري، لكننا نقرأ أخبارا عن تواريخ نشأت قبل ذلك؛ مثل تاريخ مكة للحسن البصري المتوفى سنة ١١٠ هـ ومنه نسخة في مكتبة تيمور بدار الكتب المصرية.

وتاريخ المدينة لابن زبالة الذي لا يعلم تاريخ وفاته، ولكنه كان حيّا سنة ١٩٩ هـ. غير أن القرنين الثالث والرابع قد حظيا بكثير من المؤلفات في تواريخ المدن. وكثير منها ينسب لمحمد بن عمر الواقدي المتوفى سنة ٢٠٧ هـ وكثير ينسب للمدائني علي بن محمد المتوفي سنة ٢١٥ هـ، وكتاب تاريخ مكة للأزرقي المتوفى سنة ٢٤٤ هـ، وكتاب فتوح مصر لابن عبد الحكم المتوفى سنة ٢٥٧ هـ، ثم يأتي دور كتاب تاريخ المدينة لابن شبة وتواريخه الأخرى، ويستمر تيار التأريخ للمدن منطلقا عبر القرون.

وإذا نظرنا إلى طبيعة تواريخ المدن فإننا نجد عناوينها تحدّد طبيعة بعضها؛ فإذا قيل فتوح مصر والمغرب، أو فتوح أرمينيا، أو فتوح الشام، أو قبل طبقات محدثي الموصل، أو شعراء البصرة، أو فضلاء المدينة، أو طبقات علماء أفريقيا وأهل تونس، أو قراء كذا، أو فقهاء كذا، أو ملوك كذا، فقد تحددت طبيعة التأريخ للمدينة.

ولكننا نجد كثيرا من كتب التأريخ للمدن يتناول كلّ ما يتصل بالمدينة

<<  <  ج: ص:  >  >>