للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأرسلوا إلى رسول الله فدعوه ليصلي فيه، ففعل، فأتاهم فصلّى فيه، فحسدهم إخوتهم بنو فلان بن عوف - يشك - فقالوا: ألا نبني نحن مسجدا وندعو النبي فيصلي فيه كما صلّى في مسجد إخوتنا، ولعل أبا عامر (١) يصلي فيه - وكان بالشام - فابتنوا مسجدا وأرسلوا إلى النبي ليصلّي فقام ليأتيهم، وأنزل القرآن: «وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً﴾


(١) وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم قالوا: أقبل رسول الله يعني من تبوك حتى نزل بذي أوان - بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار - وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك فقالوا: يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه. فقال: إني على جناح سفر وحال شغل - أو كما قال رسول الله ولو قد قدمنا أتيناكم إن شاء الله فصلينا لكم فيه. فلما نزل بذي أوان أتاه خبر المسجد فدعا رسول الله مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف، ومعن بن عدي - أو أخاه عاصم ابن عدي - أخا بني العجلان، فقال: انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرّقاه.
فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف وهم رهط مالك بن الدخشم فقال مالك لمعن:
أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي، فدخل أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا، ثم خرجا يشتدان حتى دخلا المسجد وفيه أهله، فحرقاه وهدماه، وتفرقوا عنه، ونزل فيهم من القرآن ما نزل «وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً» إلى آخر القصة «الآيات ١٠٧ - ١١٠ من سورة التوبة» وكان الذين بنوه اثنى عشر رجلا. (تفسير الطبري ١٦:١١).
وانظر أيضا الخبر بطوله في تفسير ابن كثير ٢٣٩:٤ وكذا معالم التنزيل للبغوي ٢٣٨:٤.
(١) هو أبو عامر الراهب، كان بالمدينة قبل مقدم النبي وقد تنصر في الجاهلية، وقرأ علم أهل الكتاب، وكان فيه عبادة في الجاهلية وعلم أهل الكتاب، وله شرف في الخزرج كبير، فلما قدم الرسول مهاجرا إلى المدينة، واجتمع المسلمون عليه، وصارت للإسلام كلمة عالية، وأظهرهم الله يوم بدر شرق اللعين أبو عامر بريقه وبارز للعداوة وظاهر بها، وخرج فارا إلى كفار مكة من مشركي قريش فألبهم على حرب رسول الله ، وقدموا عام أحد، وكان هذا