للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما قدموا عمدوا إلى اللات فهدموها، وقد استكفت (١) ثقيف الرجال منهم والنساء والصبيان حتى خرج العواتق (٢) من الحجال، لا ترى عامة ثقيف أنها مهدومة، ويظنون أنها ممتنعة، فقام المغيرة ابن شعبة فأخذ الكرزن (٣) وقال: لأضحكنّكم من ثقيف، فضرب بالكرزن ثم سقط يرتكض، فارتجّ أهل المدينة بصيحة واحدة قالوا: أبعد الله المغيرة، قد قتلته الرّبّة - حين رأوه ساقطا - وقالوا: من شاء منكم فليتقرب (٤) وليجتهد على هدمها، فو الله لا يستطاع أبدا، فوثب المغيرة فقال: قبّحكم الله يا معشر ثقيف، إنما هي لكاع حجارة ومدر، فاقبلوا عافية الله واعبدوه، ثم ضرب الباب فكسره ثم علا على سورها وعلا الرجال معه فما زالوا يهدمونها حجرا حجرا حتى سوّوها بالأرض، وجعل صاحب المفاتيح يقول: ليغضبن الأساس وليخسفنّ بهم، فلما سمع ذلك المغيرة قال:

يا خالد، دعني أحفر أساسها، فحفروه حتى أخرجوا ترابها، وانتزعوا حليها، وأخذوا ثيابها، فبهتت ثقيف، وقالت عجوز منهم:


(١) في الأصل «فانكفت» والمثبت عن البداية والنهاية ٣٣:٥ وانكف القوم عن الموضع: تركوه، استكف الناس حوله: أحاطوا به ينتظرون إليه (أقرب الموارد «كفف»)، وعبارة الواقدي: وقد خرج نساء ثقيف حسرا - أي مكشوفات الوجوه - يبكين على الطاغية، والعبيد والصبيان والرجال متكشفون» (مغازي الواقدي ٩٧٢:٣، شرح المواهب ٩:٤).
(٢) العواتق: جمع عاتق - الجارية أول ما أدركت، أو التي بين الإدراك والتعنيس؛ سميت بذلك لأنها عتقت عن خدمة أبويها ولم يدكها زوج بعد (محيط المحيط).
(٣) كذا في الأصل: وفي البداية والنهاية ٣٤:٥: الكرزين: والكرزن، والكرزن، والكرزين بمعنى واحد، وهو: الفأس الكبير (انظر أقرب الموارد ١٠٧٦:٢).
(٤) كذا في الأصل ولعلها «فليقترب».