للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن ياسر وعبد الله بن سعد (١)، فشرح بالكفر صدرا. وأما عمار فلم يزالوا يعذبونه حتى كادوا يقتلونه، فلما رأوا أنه يأبى عليهم أن يكفر قالوا: تسبّ النبي ونخلي سبيلك، فلما فعل فعلوا، فخرج حتى قدم على رسول الله ، فلما رآه قال: «أفلح وجه أبي اليقظان» قال: ما أفلح وجهه ولا أنجح، قال: «ما لك أبا اليقظان» قال: بدروني (٢) حتى سببتك، قال: فكيف تجد قلبك؟» قال: يحبك ويؤمن بك، قال «فإن استزادوك من ذلك فزد».

قال أبو زيد بن شبة: فقد روى هذا الحديث: وأثبت منه أن عمارا قدم المدينة قبل رسول الله حدث به شعبة عن ابن إسحاق عن البراء، كذلك روى شعبة بهذا الإسناد أن عمر قدمها قبل رسول الله ، وما روى شعبة أقوى في الإسناد وأحرى أن يكون؛ لأن عمارا وعمر بن الخطاب لا يتخلفان عن رسول الله .


(١) هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤي القرشي العامري - قريش الظواهر وليس من قريش البطاح - أسلم قبل الفتح، ثم هاجر، وكان يكتب الوحي لرسول الله ، ثم ارتد مشركا وصار إلى قريش بمكة وقال لهم: إني كنت أصرف محمدا حيث أريد، كان يملي علىّ «عزيز حكيم» فأقول: أو «عليم حكيم» فيقول: نعم كل صواب - فلما كان يوم الفتح أمر رسول الله بقتله، وقتل كل من: عبد الله بن خطل، وقعيس بن صبابة، ولو وجدوا تحت أستار الكعبة، فأجاره عثمان بن عفان، وأسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، مات سنة ست وثلاثين وقيل سبع وثلاثين وقيل تسع وخمسين، والأول أصح. (أسد الغابة ١٧٣:٣، الإصابة ٣٠٩:٢).
(٢) البادرة: طرف السهم من قبل النصل، وبدروني: أي ضربوني ببادرة سهامهم حتى سببتك (أقرب الموارد ٣٣:١. وفي أسد الغابة ٤٤:٤: أخذه المشركون فعذبوه فلم يتركوه حتى سبّ النبي وذكر آلهتهم بخير).