فذلك أكبر عند الله من القتل «وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا﴾ ٢١٧:٢» أي ثم هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه، غير تائبين ولا نازعين.
فلما نزل القرآن بهذا من الأمر، وفرج الله تعالى عن المسلمين ما كانوا فيه من الشفق، قبض رسول الله ﷺ العير والأسيرين، وبعثت إليه قريش في فداء عثمان بن عبد الله، والحكم ابن كيسان، فقال رسول الله ﷺ: لا نفديكموهما حتى يقدم صاحبانا - يعني سعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان - فإنا نخشاكم عليهما، فإن تقتلوهما نقتل صاحبيكم، فقدم سعد وعتبه، فأفداهما رسول الله ﷺ منهم.
فأما الحكم بن كيسان فأسلم فحسن إسلامه، وأقام عند رسول الله ﷺ حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا. وأما عثمان ابن عبد الله فلحق بمكة، فمات بها كافرا.
فلما تجلى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن، طمعوا في الأجر، فقالوا يا رسول الله أنطمع أن تكون لنا غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين؟ فأنزل الله ﷿ فيهم:
«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ، أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ، وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ٢١٨:٢» فوضعهم الله ﷿ من ذلك على أعظم الرجاء. والحديث في هذا عن الزهري ويزيد ابن رومان، عن عروة بن الزبير.
قال ابن إسحاق: وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش:
أن الله ﷿ قسم الفيء حين أحلّه، فجعل أربعة أخماس لمن