للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن مالك قال: كان فيما منّ الله به على رسوله هذين الحيّين من الأنصار: الأوس والخزرج، كانا يتصاولان كما يتصاول الفحلان، فلما قتل محمّد بن مسلمة كعب بن الأشرف قالت الخزرج: كيف لنا أن يكون لنا مثل سابقتهم؟ فقالوا: يا رسول الله، أرسلنا إلى ابن (أبي (١) حقيق، فأرسل أبا قتادة وأبا عتيك وأبيض بن الأسود، وعبد الله بن أفيس، وقال لهم: «لا تقتلوا صبيا ولا امرأة» فذهبوا فدخلوا الدار ليلا، وغلقوا على كل قوم بابهم من خارج، حتى إذا استغاثوا لم يستطيعوا أن يخرجوا، ثم صعدوا إليه في عليّة له إليها عجلة (٢) فإذا هم به نائم أبيض كأنه القرطاس، فتعاطوه بأسيافهم فضربوه، فصرخت امرأته فهمّوا أن يقتلوها، فذكروا نهي رسول الله «لا تقتلوا امرأة ولا صبيّا» فنزلوا، وانفكت قدم أحدهم فاحتملوه فانطلقوا به فدخلوا نهرا من أنهارهم، وتصايح الناس: قتل ابن حقيق، قتل ابن حقيق، فجاءوا بالنيران - وقال عبد الله بن أنيس: إني أخاف أن لا تكونوا أجهزتم عليه، فقال:

لأذهبنّ فلأنظرنّ قد أجهزنا عليه أم لا، فجاء يصعد إليه في غمار الناس فإذا امرأته قد أكبّت عليه ساعة ثم قالت: فاضت نفسه ويهود، وقالت فيما تقول: إني لا أظنني إلا قد سمعت كلام عبد الله بن أنيس.

حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، أن سعيد بن أبي هلال حدثه، أن يزيد


(١) سقط في الأصل والإثبات عن البداية والنهاية ١٣٧:٤.
(٢) في الأصل «صعدوا إليه في عجلة له» والمثبت عن السيرة النبوية لابن هشام ٧٤٧:٣، والبداية والنهاية ١٣٧:٤.