للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا عائشة فإن كنت أسأت وأخطأت فاستغفري ربك وتوبي إليه» فقلت لأبي: تكلّم، فقال لم أتكلم؟ فقلت لأمي تكلمي. فقالت لم أتكلم؟، فحمدت الله تعالى وأثنيت عليه، ثم قلت: أما بعد فو الله لئن قلت لكم فعلت والله يعلم ما فعلت لتقولنّ قد أقرّت، ولئن قلت ما فعلت لتقولن كذبت، والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا ما قال العبد الصالح «فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ» (١) ونزل الوحي على رسول الله فما سرّي عنه حتى رأيت السرور بين عينيه، ثم قال «يا عائشة أبشري فإن الله ﷿ قد أنزل عذرك» وقرأ عليها القرآن: «سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها» (٢) حتى أتى على هذه الآيات، فقال أبواي: قومي فقبّلي رأس رسول الله ، فقلت أحمد الله لا إيّاكما.

وقال الرجل الذي قيل له ما قيل: سبحان الله، والله إن كشفت كنف أنثى (٣) قط. فقتل شهيدا في سبيل الله، قالت: وكان مسطح قريبا لأبي بكر، وكان يتيما في حجره، فحلف أبو بكر أن لا ينفق عليه، فأنزل الله ﷿ «وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ» إلى قوله «أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ» (٤) وكان حسّان بن ثابت إذا سبّ عند عائشة قالت: لا تسبّوه فإنه كان


(١) سورة يوسف آية ١٨.
(٢) سورة النور آية ١.
(٣) كذا في الأصل، وفي تفسير ابن كثير ٧٤:٦ «ما كشف كنف أنثى قط».
(٤) سورة النور آية ٢٢.