ومعي أم مسطح معها سحبل (١) ماء فعثرت فعقلها إزارها فقالت:
تعس مسطح، فقالت عائشة: سبحان الله سببت رجلا من المهاجرين شهد بدرا وهو ابنك!! قالت أو ما تدرين ما قال لك؟ قالت: وما قال لي؟ قالت: زال بك السيل وما تدرين؟ إنه قال كذا وكذا، قالت عائشة: فرجعت إلى بيتي قد تقلّص ذلك مني ما قدرت على قضاء حاجة، فبكيت من العشاء حتى أصبحت ما دخل في عيني نوم ولا جفّت لي عين، ثم بكيت من بكرة حتى الليل ما جفّت لي عين ولا دخل في عيني نوم، فلما أمسيت قلت: يا رسول الله ائذن لي أن آتي أبويّ، قال «نعم إن شئت» قالت فجئت إلى أبوي فقلت لهما:
ألا خبّرتماني حتى أعتذر إلى رسول الله ﷺ؟ فقال لها أبو بكر ﵁: والله لوددت أني لم أرك قطّ، وددت أن لو كنت حيضة، والله ما قيل ذلك في الجاهلية فكيف في الإسلام، قالت: والله لا يخزيك الله أبدا، فقالت أمّها أم رومان: يا بنية اخفضي عليك شأنك، والله ما كانت امرأة قط يحبها زوجها ولها ضرائر إلا يبغينها شرا، قالت: فدخل النبي ﷺ فرأى في وجوههم من الحزن ما رأى، فقال: «يا عائشة إن كنت فعلت شيئا مما قالوا فأخبريني حتى أستغفر الله لك، فقالت لأبويها:
أجيبا رسول الله ﷺ عني، قال أبو بكر ﵁: والله ما أدري ما أجيب رسول الله ﷺ، وما أدري ماذا أقول، قالت عائشة: والله لا أستغفر الله من هذا الذّنب
(١) ما في الأصل «يقرأ سحبل أو سجل» والسحبل: الضخم من الأسقية، والسجل: الدلو الكبير (أقرب الموارد).