للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلص دمعي (١) حتى ما أحسّ منه قطرة، وقلت لأبي: أجب عنّي فيما قال، فقال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله ، فقلت لأمي: أجيبي عني رسول الله ، فقالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله ، قالت: وأنا جارية حديثة السّن، وأني لا أقرأ كثيرا من القرآن، فقلت إني والله لقد علمت أنكم قد سمعتم ما تحدث به ووقر في أنفسكم وصدّقتم به، وإن قلت لكم إني بريئة - والله يعلم أني لبريئة - لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدّقني، والله لا أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف إذ قال «فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ﴾ (٢) قالت: ثم تحولت (فاضطجعت) (٣) على فراشي وأنا أرجو أن يبرئني الله ببراءتي ولكني ما ظننت أن ينزل في شأني وحي يتلى، ولأنا أحقر في نفسي من أن يتكلم القرآن في أمري، ولكني كنت أرجو أن يري الله رسول الله في المنام رؤيا تبرّئني، قالت: فو الله ما رام (٤) مجلسه ولا خرج (أحد) (٥) من أهل البيت حتى أنزل عليه الوحي، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء (٦) حتى إنه ليتحدّر


(١) قلص دمعي: أي انقطع، لأن الحزن إذا اشتد فقد الدمع لشدة المصيبة (التاج:
١٩٠:٤).
(٢) سورة يوسف آية ١٨.
(٣) الإضافة عن مغازي الواقدي ٤٣٣:٢، والتاج ١٩١:٤، وابن كثير ٧٢:٦
(٤) ما رام مجلسه: أي ما فارق مجلسه.
(٥) سقط في الأصل: والإثبات عن التاج ١٩١:٤، وابن كثير ٧٢:٦.
(٦) فأخذه من البرجاء: أى شدة الوحي حتى إنه ليتساقط عرقه.