لحدا، ولم يضرح لها ضريحا، فلما فرغ منه نزل فاضطجع في اللّحد وقرأ فيه القرآن، ثم نزع قميصه، فأمر أن تكفّن فيه، ثم صلّى عليها عند قبرها فكبّر تسعا وقال: ما أعفي أحد من ضغطة القبر إلاّ فاطمة بنت أسد. قيل: يا رسول الله، ولا القاسم. قال:
ولا إبراهيم. وكان إبراهيم أصغرهما.
حدثنا عبيد بن إسحاق الفطار قال: حدثنا القاسم بن محمد ابن عبد الله بن محمد بن عقيل قال، حدثني أبي عبد الله بن محمد - قال ولم يدعه قط إلاّ أباه وهو جده - قال، حدثنا جابر بن عبد الله ﵄ قال: بينما نحن جلوس مع رسول الله ﷺ إذ أتى آت فقال: يا رسول الله، إن أمّ عليّ وجعفر وعقيل قد ماتت. فقال رسول الله ﷺ: قوموا بنا إلى أمّي.
فقمنا وكأن على رؤوس من معه الطّير، فلما انتهينا إلى الباب نزع قميصه فقال: إذا غسلتموها فأشعروها إياه تحت أكفانها. فلما خرجوا بها جعل رسول الله ﷺ مرة يحمل، ومرة يتقدم، ومرة يتأخر حتى انتهينا إلى القبر، فتمعّك في اللحد ثم خرج فقال: أدخلوها باسم الله، وعلى اسم الله. فلما أن دفنوها قام قائما فقال: «جزاك الله من أمّ وربيبة خيرا، فنعم الأم، ونعم الربيبة كنت لي. قال: فقلنا له - أو قيل له: يا رسول الله، لقد صنعت شيئين ما رأيناك صنعت مثلهما قط. قال: ما هو؟ قلنا:
بنزعك قميصك، وتمعّكك في اللّحد. قال: أما قميصي فأردت ألا تمسّها النار أبدا إن شاء الله، وأما تمعّكي في اللحد فأردت أن يوسّع الله عليها قبرها (١).
(١) ورد الحديث في وفاء الوفا ٨٨:٢ عن ابن شبة بسنده إلى جابر بن عبد الله مع