للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مهاجرا إلى المدينة وسلك ثنيّة الغابر وعرت عليه الطريق وغلظت، فأبصره ذو البجادين، فقال لأبيه: دعني أدلّهم على الطريق فأبى، ونزع ثيابه فتركه عريانا، فاتّخذ عبد الله بجادا من شعر فطرحه على عورته، ثم عدا نحوهم، فأخذ بزمام راحلة رسول الله ، وأنشأ يرجز ويقول:


=ابن عدي بن عثمان بن عمرو، وفد على النبي ، وكان اسمه عبد العزى فسماه رسول الله عبد الله، وهو عم عبد الله بن مغفل بن عبد نهم قال ابن الأثير: لقّبه رسول الله ذو البجادين لأنه لما أسلم عند قومه جردوه من كل ما عليه وألبسوه بجادا - وهو الكساء الغليظ الجافي - فهرب منهم إلى رسول الله ، فلما كان قريبا منه شق بجاده باثنين، فاتزر بأحدهما وارتدى بالآخر، ثم أتى رسول الله فقيل له: ذو البجادين، صحب رسول الله وأقام معه، وكان أواها فاضلا كثير التلاوة للقرآن، ولزم باب رسول الله وكان يرفع صوته بالقرآن والتسبيح والتكبير، فقال عمر: يا رسول الله أمراء هو؟ قال : دعه فإنه أحد الأواهين. توفي في حياة رسول الله ، روى الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود أنه قال: لكأني أرى رسول الله في غزوة تبوك وهو في قبر عبد الله ذي البجادين، وأبو بكر وعمر يدليانه، ورسول الله يقول أدنيا مني أخاكما، فأخذه من قبل القبلة حتى أسنده في لحده، ثم خرج رسول الله ووليا هما العمل.
فلما فرغا من دفنه استقبل القبلة رافعا يديه يقول: اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه، قال يقول ابن مسعود: فو الله لوددت أني مكانه، ولقد أسلمت قبله بخمس عشرة سنة.
أسد الغابة ١٢٢:٣. وفي الإصابة ٣٣٠:٢ روى عمر بن شبة عن طريق عبد العزيز بن عمران قال لم ينزل رسول الله في قبر أحد إلا خمسة منهم عبد الله المزني ذو البجادين، قال وكان رسول الله لما هاجر وعزبت عليه الطريق فأبصره ذو البجادين فقال لأبيه دعني أدله على الطريق، فأبى، ونزع ثيابه عنه وتركه عريانا، فاتخذ بجادا من شعر وطرحه على عورته .. الحديث. وقد أورد السمهودي خبر قبر ابن خديجة وخبر ذي البجادين وقبره في وفاء الوفا ٨٧:٢ ط. الآداب نقلا عن ابن شبة.