للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزّهري قال: لما خرج عمّار من مصر فحرّك أهل مصر وقالوا: سيّر عمّار، وصرف ابن أبي حذيفة فيهم ودعاهم إلى السّير، فأجابوه، فخرج ستمائة أو أربعمائة، وجعلوا أمرهم إلى أربعة منهم رؤساء: عبد الرحمن بن عبد قيس بن عبّاد التجوبي، وجماع أمرهم إلى محمد بن أبي حذيفة. ويقال عبد الرحمن بن عديس، وكان اسمه في الجاهلية علقمة فتسمّى عبد الرحمن، وكان معهم عروة بن شتيم الليثي، وأبو رومان الأسدي، وسودان بن عمران التجوبي، وأظهروا أنهم يريدون العمرة فساروا قرب خمس وثلاثين، وفي ذلك يقول الشاعر:

خرجن من أليون (١) بالصّعيد … مستحقبات حلق الحديد

يطلبن حقّ الله في الوليد … وفي ابن عفّان وفي سعيد

فقدموا فنزلوا بذي خشب في رمضان، فقال سعد بن أبي وقاص لعمار: يا أبا اليقظان ألا تخرج إلى هؤلاء القوم فتردّهم وتنهاهم عن البغي؟ وجاء كثير بن الصّلت يسمع كلامهما من فرجة في الباب وفطن له عمار فقام إليه مغضبا بعكّاز فولّى كثير، وقال عمار: أما والله لو ثبتّ لفقأت عينك. وغضب فقال: لا أردّهم عنه، وتمثل:

أبت كبدي - لا أكرهنك قتالهم … عليّ وتأباه عليّ أناملي

وكيف قتالي معشرا يأذنونكم … عن الحقّ أن لا يأشبوه بباطل (٢)


(١) أليون قرية من قرى مصر - جنوبي الفسطاط كانت عندها وقعه إبان فتح عمرو لمصر. وإليها ينسب باب أليون. وهي حاليا من معالم مصر القديمة قرب ساحل النيل بحي أثر النبي. وانظر الشعر مع اختلاف يسير في تاريخ الطبري ١١٥:٥، ١٢٤.
(٢) أنساب الأشراف ٥٩:٥ - الغدير ١٦٨:٩ - والعقد الفريد ٨٧:٤، والتمهيد والبيان لوحة ٩٨، ٩٩ - ونهاية الأرب ٤٧٩:١٩.