قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه: الإنسان - هاهنا - آدم عَلَيْهِ السَّلام: و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ} معنى قَدْ أَتى، والحِيْنُ أربعونَ سنةً {لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا} أي: كَانَ شيئًا ولم يكن مذكورًا، يعني: حيث صورّ قبل أن يُنفخ فِيهِ الرُّوح، فلما نفخ فِيهِ الروح وبلغ إلى ساقيه كاد ينهض للقِيام فكأن بلغَ عينيه ورأى ثمار الجَنَّة بادر إِلَيْه ليأخذها فذلك قولُه:«وَخلِقَ الْإِنْسَان عَجُوْلًا» و «خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ» فعجل آدم فعجلت ذريته ونسي آدم فنسيت ذريته، وجحد آدم فجحدت ذريته.
وأمَّا مَن زَعَم أن عِصيان آدم كَانَ نسيانًا لا تعمُّدًا فقد غَلِطَ؛ لأنَّ اللَّه تَعَالى لا يُعاقب عَلَى النِّسيان. وأمَّا قولُه:{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ} فإن معناه: تَرَكَ، لا من النِّسْيَانِ الَّذِي هُوَ ضدّ العَمِد، إنَّما هُوَ من قولِ اللَّه:{نَسُوْا الله فنسيهم}.
«سلاسل» بغيرِ تنوين فِيْ وصلٍ ولا وقف، لأن فعلل جمع بعد ألفه أكثرُ من حرفٍ فلا ينصرف فِيْ معرفةٍ ولا نكرةٍ.
وقرأ الباقون:«سلاسلًا» بالتَّنوين اتباعًا للمصحف؛ لأنَّها وإن لم تكن رأس آية تشاكل رءوس الآي بعدها «أغْلَالًا وسعيرًا» ولأنَّ من العربِ من يقف عَلَى ما لا يَنصرف بالألفِ نحو رَأَيْت عُمَرا، وإذا أدرجت أسقَطَتِ الألفَ، فكأنَّ من نوَّنَ وأثبت الألف بني الوصل عَلَى الوقف.