ومن سُورة الغاشية
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه: إنَّما سُميت الغاشية؛ لأنَّ اللَّه خبَّرهم بصفة النار وأهلها ليرتدعوا عنْ المعاصي، وأن لا يعبدوا غيره وأَفردَ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالخطاب، فقال: {هَلْ أَتاكَ} يا مُحَمَّد {حديث الغاشيَةِ} أي: النار، الغاشية من قولُه {تَغْشَى وُجُوْهَهُمُ النَّارُ} غشيت تغشى غشيانًا فهي غاشيةٌ، والوجوه مغشيةٌ.
وقولُه تعالى: {تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً}.
قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وعاصمٌ فِيْ روايةِ أَبِي بكرٍ: «تُصْلَى» بالضَمِّ لِقَوْله: «تُسْقَى.»
وقرأ الباقون: «تَصْلَى» بفتح التاء لقوله: {إلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الجَحْيمِ} وَقَدْ أثبتُّ علة ذَلِكَ فِيْ «إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ».
وقولُه تَعَالى: {لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً}.
قَرَأَ ابْنُ كثيرٍ وأبو عَمْرٍو: «لا يُسْمَعُ» بالياء «لَاغِيةٌ» بالرَّفع، وإنَّما ذكرَّ اللَّاغية واللَّاغية مؤنثةٌ أي: الحالفة، لا تَسمع فيها نفسٌ حالفةٌ، لأنَّ اللاغية بمعنى اللَّغْوِ.
وقال آخرون: لما فَصَلَ بين الاسمِ والفعلِ بحائل ذكَّره.
وفيه قول ثالثٌ - وهو الاختيار -: أن تأنيث اللَّاغية غير حقيقي.
وقرأ نافع: «لا تُسْمَعُ» بالتاء «لاغِيَةٌ» بالرفع فأنث للفظ لا للمعنى.
وقرأ الباقون: «لا تَسمع» بفتح التاءِ «لاغِيَةً» بالنصب عَلَى تقدير لا تَسمع أنت يا مُحَمَّد فِيْ الجَنَة لاغيةً.
وفيها قراءةٌ رابعةٌ: قَرَأَ ابنُ أبي إِسحاق «لا يُسمع» بالياء مضمومةٌ «لاغِيَةً» بالنصب عَلَى تقدير: لا يسمع الوجوهُ لاغيةً.
وقولُه تَعَالى: {لست عليهم بمصيطر}.
قَرَأَ ابنُ عامرٍ بالسّين برواية هشام.
وكان حمزةُ يميل الصَّاد إلى الزَّاي.
وقرأ الباقون بصادٍ خالصة.
وروى عنْ قَتَادَة «بمصيطَر» بفتح الطاء أي: بمسلّط.