ومن سورة المُجادلة
قَالَ أَبو عبدِ اللَّه: إنَّما سُمِّيت المُجادَلَةَ لقوله تَعَالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} وفي حرفِ ابنِ مَسعُودٍ: «قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُحَاوِرُكَ» بالحاء. وكانت هَذِهِ المرأة خَولة بنت ثعلبة وزوجها أوس بن الصَّامت الْأَنْصَارِيّ قَالَ لها: إن لم أَفعل كَذَا وكَذَا قبل أن تَخرجي من بَيْتِكِ فأنت علي كظهر أمي، فأتَت خولةُ رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَشكو إِلَيْه، فَقَالَت: إنّ أوسَ بْن الصّامت تزوَّجني شابّةً غَنِيَّةً، ثُمَّ قَالَ لي: كذا وكذا، وَقَدْ نَدِمَ فهل من عُذْرٍ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما عِندي فِي أمرك شيءٌ. فأنزَلَ اللَّه تَعَالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}.
وحدَّثني ابنُ مُجاهدٍ، عنْ السِّمَّرِيّ، عنْ الفَرَّاءِ، قَالَ: قَرَأ عبدُ اللَّه بْنِ مَسْعُودٍ «قَدْ يَسْمَعُ اللَّه قَوْلَ الَّتِي» ومعنى المضارع هاهنا الحالُ، كأنَّ اللَّه أَنزل هَذَا وهي تحاوِرُهُ.
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْر النَّيْسَابُوْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَرب الطَّائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعاوية، عنْ الْأَعْمَش، عنْ تَميم بْن سَلَمَة، عنْ عُروة، عنْ عائِشة، قَالَتْ: الحمدُ لله الَّذِي وسع الَأصواتَ، ولقد جاءَت المُجادلة إلى النَّبيّ عَلَيْهِ السَّلام تُكَلِّمُهُ وأنا في ناحيةِ البَيتِ ما أسمعُ ما تقولُ، فأنزلَ اللَّه: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}. ... الآية.
وقولُه تَعَالى: {مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ}.
روى المُفضل، عنْ عاصمٍ: «مَّا هُنَّ أُمَّهَاتُهِمْ» برفع التاء؛ وذلك أنَّ بني تَميمٍ لا يُعلمون «ما» فيرفعون ما بعده بالابتداءِ والخبرِ فيقولون: ما زيدٌ قائمٌ. وأهلُ الحِجاز ينصبون خبرَ «ما» فيقولون: ما زيدٌ قائمًا، وبذلك نَزَلَ القُرآن «مَا هَذَا بَشَرًا» فمن كَسَرَ التَّاءَ فِي «مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ» وهي قراءةُ الباقين فموضعها نصبٌ، وكسرت التاءُ لأنَّها غيرُ أصليةٍ ف «ما» حرفُ جحدٍ و «هُنَّ» رفعٌ اسمُ «ما» أُمَّهاتِهِمْ نصبٌ خبره. ولَيس فِي القُرآن خبرُ «ما» منصوبًا إلا فِي هذين المَوضعين.
وقولُه تَعَالى: {والَّذِيِْنَ يُظَاهِرُوْنَ}.
قرأ ابنُ كثيرٍ ونافعٌ وأَبو عَمْرٍو: ««يُظَّهِّرُوْنَ» مشدد الظاءُ والهاءُ بغير ألف.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute