للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن سورة الزَّلْزَلَةِ

قولُه تَعَالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}.

زِلْزَالَهَا: يوم القِيَامة من شدَّة صوت إسرافيل فيضطربون حَتَّى ينكسر كلُّ شيء من شدَّة الزَّلزلة. فقرأ «زِلْزَالَهَا» لأنَّه مصدر فعلل وكلُّ فعلٍ رُباعي نحو هملج، وقرطس، وسرهف ووسوس، ودحرج مصدره على وجهين فَعْلَلَةٌ، وفِعْلَاْلٌ لا ينكسر. وتقول:

{إِذَا زُلْزِلَتِ الَأرْضِ زَلْزَالْهَاْ}.

وقرأ بذلك عاصمٌ الجَحْدَرِي بفتح الزَّاي جعله اسمًا لا مصدرًا، وليس فِيْ كلام العرب فِعلال إِلَّا مُضَاعف نحو الزّلزالُ، وهي البلاءُ والبِلبالُ والكِلْكَالُ، وهو المصدر إلّا قولهم: ناقة بها خِزْعَالٌ أي: ضَلْعٌ وغَمْزٌ في رجلها.

وقوله تعالى: {خيرا يره} و {شرا يره}.

بفتح الياء إجماع، والأصل: يراه يَعمل مثقال ذرَّة من شرٍّ من الكفار يَرَهُ يوم القيامة. فأمَّا الموحِّدُ فإن الشر إِذَا عمله مثقال ذرة فالصغار من الذنوب يكفر عنه لاجتنابه الكبائر كما قَالَ تَعَالى: {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} أي: الصغائر من الذُّنوب.

واختلف النَّاس فِيْ الكبائر: فقيل: الشِّرك بالله، وقتل النَّفس التي حرم اللَّه، وشربَ الخَمر، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف. وقيل: ما نهى الله عَنْهُ فِيْ كتابه فهو كبيرة، وما سكت عَنْهُ فهو صغيرة.

وقال آخرون: ما أشبه من الذُّنوب الكبائر فهو كبيرة، وما أشبه الصغائر فهو صغيرة، فأكبر الكبائر الشِّركُ بالله، وأصغر الصغائر النظرة، والضمحة.

ويجب عَلَى هَذَا القياس أن يكون بإزاء الكبائر، والصَّغائر أعلى البر فأعلى ذَلِكَ شهادةُ أن لا إله إلا اللَّه - وأَصغرُهُ - إماطةُ الأذى عنْ الطَّريق.

وسَمِعْتُ القاضي أبا عِمْران يقولُ: أكبرُ من الشرك بالله ادِّعاء فرعون الرُّبوبية حيث قَالَ: {أَنا رَبُّكُمُ الَأعْلَىُ}.

أما قولُه: {لِيُرَواْ أَعْمالَهُمْ}.

فقرأه النَّاس جميعًا بضمِّ الياء عَلَى ما لم يُسَمّ فاعله، واسم ما لم يسم فاعله الواو،

<<  <   >  >>