تَعَالى يخبر عن نفسه، ومَنْ شدد قال: تَقُولُ: أضعفت لَكَ الدّراهم، وضعَّفتُها إذا جعلتها مِثْلَيْها، وكان أبو عَمْرٍو يَقُولُ: إنَّما اخترتُ التَّشديد فِي هَذَا الحرفِ فقط لقوله مرَّتين، ومن قرأ بألفٍ فكأنه ضاعف لها العذاب أضعافًا مضاعفةً.
وقولُه تَعَالى:{وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ للهِ}.
اتَّفق القُراء عَلَى الياءِ. قَالَ ابنُ مجاهدٍ: وهي قراءةٍ النَّاسِ كِّلهم لأنَّ مَنْ وإن كانت كناية عن مؤنث هاهنا فإن لفظها لفظ واحدٍ مذكَّرٍ. فقيل «ومن يقنت» عَلَى اللَّفظ.
ولو رُدَّ عَلَى المعنى لقيل:«ومن تَقْنِت» بالتاء، وإنما ذكرت هَذَا الحرف لأنَّ أبا حاتِمِ السِّجستاني روى فِي الشُّذوذِ عن أبي جعفرٍ. وشيبة، ونافع بالتاءِ «وَمَنْ تَقْنُتْ» وهو صَوابٌ فِي العَرَبِيَّةِ خطأٌ فِي الرِّواية، فأمَّا:
وقرأ الباقون:«وتَعْمَلْ» بالتاءِ، لأنَّه لما قيل:«مِنْكُنَّ» فظهر التأنيث كان الاختيار و «تَعْمَلْ» لأن اللَّفْظَةَ إذَا نُسِقَتْ عَلَى شَكْلِهَا وما قَرُبَ مِنْها أحرى وأولى من أن تُنَْسَقَ على ما بعدها، وقرءوا «نؤْتِهَا» بالنون، اللَّه تَعَالى يخبر عن نفسه، وهو الاختيار، لقوله بعد الآية:{وَأعْتَدْنَا لَهَا رِزِْقًا} ولم يَقُل ويُعتد لها، وهذا واضحٌ.
فإن قيلَ لَكَ: ما المَصدر من اعتدى ومن أعتدنا؟ .
فالجواب فِي ذَلِكَ: أن اعتدى التاء زائدةٌ، وألفها ألفُ وصلٍ، والمصَدر: اعتدى يعتدى اعتداءً فهو معتد: اعتد يا هَذَا، وهو افتعل من العُدوان والظُلم، وألف اعتدنا ألفُ قطعٍ والتاء أَصلية، وكذلك:«وَأَعْتَدَتْ لهن متكأ» المصدر من اعتد يُعْتِدُ إعتادًا. فهو معتِدٌ مثل أَكْرَمَ يُكْرِمُ إكرامًا فهو مُكْرِمٌ والأمر: أعتدِ مثل أكرِمْ، ومثله:{هَذَا مَا لَدَيَّ عتيد}. أي: معه معتد، وعتيد: فعيلٌ بمعنى مفعول، فعلى هَذَا يقال: عَتَدَ يعتد، وأعتد يعتد. والأمر يا هذا.