للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ومن سورة النور]

قولُه تَعَالى: {وَفَرَضْنَاهَا}.

قرأ ابن كثير وَأَبُو عَمْرو مشدّدًا.

وقرأ الباقون مخفّفًا. فمن شدَّدَ فمعناه: بيَّناها وفصَّلناها وأحكمناها فرائض مختلفة.

وَقَالَ الفراء: من شدَّد فمعناه: فرضناه عليك وعلى من يَجيءُ بعدك.

فالتَّشديدُ للتَّكثِيرِ، والدَّوامِ، ومَنْ خفَّف يجعله من الفَرْضِ فرضنا؛ لأن الله تَعَالى ألزم العباد بِهِ لزومًا لا يفارقهم حتَّى الممات، مأخوذ من فرض القوم، وهو الحزُّ الذي فيه الوتر. والفَرْضُ فِيْ غير هذا: صِنْفٌ من التَّمْرِ.

قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذَا أَكَلْتُ سَمَكًا وفَرْضًا ... ذَهَبْتُ طَوْلًا وذَهَبْتُ عَرْضًا

والفَرْضُ أيضًا: نُزُول القرآن. قَالَ الله تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} أي: إلى وَطَنِكَ بِمَكَّةَ، و {سورة أنزلناها}. يرفعه عند الكوفيين والبصريين بإضمار هَذِهِ سورةٌ، لأنّ النَّكِرَةَ لا يُبتدأ بها.

وقرأ عِيْسى بْن عُمر «سورةً أنزلناهَا» بإضمار فعل تقديره: أنزلنا سورةً.

وقولُه تَعَالى: {ولا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةً}.

فيه أربع قراءات:

قرأ أَبُو عَمْروٍ: «رافةً» بترك الهمزةِ إِذَا نَزَلَ.

وقرأ ابنُ كَثِيْرٍ: «رأَفةً» بفتح الهمز من غيرِ مدٍّ.

وقرأ سائِرُ النَّاسِ: «رَأْفَةً» بالهَمْزِ، والجَزْمِ، وهو الأصلُ، يقال: رؤف الرجل بالأجراء: إذا سَقِمَ سَقَاْمَةً، ورَؤُفَ رَأَفًا مثل كَرُمَ كَرَمًا.

فأما ابن كثير أدخل الهاء وبقاه عَلَى الفَتْحِ. كَمَا قرأ حفص: «سَبْعَ سِنِيْنَ دَأَبًا».

وحدَّثني ابنُ مُجاهدٍ، عَنْ السِّمَّرِيِّ، عَنْ الفَرَّاءِ، قَالَ: تَقُولُ العربُ: السَّأَمةُ، والسَّآمةُ، والرأفةُ، والرآفة، فالرأفة، المرَّة الواحدة. والرآفة المصدر المجهول.

وحَدَّثَنَا الصُّوليّ، قَالَ حَدَّثَنَا: الطبري النَّحوي، عَنْ المازِنيُّ، عَنْ أبي زيدٍ، قَالَ:

سمعتُ ابنَ جُرَيْجٍ يقرأ «وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَآفَةً فِيْ دِيْنِ الله» بالمدِّ مَصدر رَؤُفَ رَآفةً.

<<  <   >  >>