[ومن سورة الطارق]
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه: الطارقُ، النجم، سمي لطُلُوْعِهِ ليلًا، قَالَتْ هِنْدُ تَفْتَخِرُ:
نَحْنُ بَنَاْتِ طَارِقِ ... نَمْشِيْ عَلَى النَّمَارِقِ
أي: إنَ أبانا كالنَّجْمِ فِيْ شَرَفِهِ. هَذَا قولُ النَّاس كلِّهم إلا ما ذكر أَبُو حَنِيْفَةَ الدِّيْنَوَرِيُّ أنَّ بَنَات طارقٍ هُنَّ بناتُ ملكٍ من المُلوك في الزمان الأول يوصفن بالجمال.
أي: إنَّا فِيْ شرفنا مثل بناتِ طارقٍ. والطَّارقُ أيضًا: أحدُ الكواكبِ الأحدَ عشرَ التي رآها يُوْسٌف عَلَيْهِ السَّلام، ومنها الوَثَّابُ والعمودان. وَقَدْ ذكرتُها فِيْ سورةِ يُوْسٌف.
- وقولُه تَعَالى: {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}.
قَرَأَ عاصمٌ وحمزةُ وابنُ عامرٍ: «لَمَّا» مشددًا؛ لأنَّ «إنْ» بمعنى «ما» الجاحِدة.
و«لمَّا» بمعنى «إلا» والتقدير إن كلُّ نفسٍ إلَّا عليها حافظ من اللَّه.
وقرأ الباقون: «لَمَا» مخفَّفًا ف «ما» صلة فِيْ هَذِهِ القراءة، والتقدير: إن كلُّ نَفْسٍ لَعَلَيْهَا حافِظٌ.
قَالَ أَبُو عبدِ اللَّه: وَقَدْ تأمَّلت «إن» فِيْ القرآن وفي كلام العرب فوجدتها تنقسمُ أربعةً وعشرين قسمًا:
منها تكون إنْ شرطًا كقولك: إنْ تَزرني أَزُرْكَ، {وإن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ}.
وتكون إن بمعنى ما قولك: إن أنت إلَّا قائم، أي: ما أنت إلا قائم و {إنْ أَنْتَ إلَّا نَذِيْرٌ}.
وتكون صلة: ما كقولك: ما إنْ رَأَيْتُ مِثْلَكَ، أي: ما رَأَيْت، ويُنشد:
مَا إنْ رَأَيتُ وَلَا سَمِعْتُ بِهِ ... كاليوم طالي أينق جرب
متبذلا تبدو مَحًاسِنُهُ ... يَضَعَ الهَنَاءَ مَوَاضِعَ النَّقْبِ
وتكونُ إن مخفَّفةً من مشدَّدة، كقولك: إنْ زيدًا قائم، تريد إنَّ زيدًا قائمٌ. قَالَ اللَّه تَعَالى: {وإنْ كُلًّا لَمَا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} كذلك قَرأها نافعٌ وعاصم، وينشد: