للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ومن سورة القيامة]

قولُه تَعَالى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}.

قَرَأَ ابنُ كثيرٍ وحدَه فِيْ روايةِ قُنبل: «لُأقْسِمُ» بغير مدٍّ جعل اللَّامَ لامَ تأكيدٍ، كما تقولُ: أقوم ثُمَّ تدخل اللام فتقول: لأقُوم، والاختيار من قَصَد هَذَا لأقسمن ولأقومن، وَقَدْ روى ذَلِكَ عنْ الْحَسَن أيضًا. قَالَ: لأنَّ اللَّه تَعَالى أقسم بالنَّفس اللَّوَّامَة هِيَ التي تَلومُ نفسها يومَ القيامة إن فعلت شرًّا، وتلوم إن فعلت خيرًا لِمَ لم تَزْدَدْ، وإنما ذهبَ من قَرَأَ «لُأقسم» بغيرِ مدٍّ إلى أَنَّهُ فِيْ المُصحف بغيرِ ألفٍ. وقال مُقاتل: لم يُقسم اللَّه تَعَالى فِيْ القُرآن بالكافِر إلَّأ فِيْ هَذِهِ السُّورة فقط‍.

وقرأ الباقون: «لا أُقسم» بالمَدّ؛ لأنَّ بعد لا ألفًا فِيْ اللفظ‍.

واختلفَ النحويون في «لا» هاهنا، فَقَالَ الكِسَائِيّ وأبو عُبَيْدَةَ «لا» صلةٌ زائدٌ، والتقدير: أُقسم. وقال غيرهما: العربُ لا تزيد لا في أول الكلمة، ولكن هاهنا ردٌّ لقومٍ أنكروا البعثَ وكفروا بالتَّنزيل، فَقَالَ اللَّه تَعَالى لا، أي: ليس كما تقولون. ثُمَّ قَالَ: أُقسم بيومِ القيامة.

و«لا» تَنقسم أربعينَ قسمًا قَدْ أفردت لَهُ كتابا.

وقولُه تَعَالى: {فإذَا بَرِقَ البَصَرُ}.

قَرَأَ نافعٌ وحده: «بَرَقَ» بفتح: الراء.

والباقون بالكسر. واحتجُّوا بأن «بَرَقَ» لا يكون إلَّا في الضَّوْءِ. يُقال بَرَقَ أي:

لَمَعَ، وَبَرقَ الحنظل وغيره. فأمَّا بَرِقَ فمعناه: تَحَيَّرَ، قَالَ الشَّاعِر:

لَمَّا أَتَانِي ابنُ صُبَيْحٍ راغبًا ... أعطَيْتُهُ عيساءُ منها فَبَرِقْ

أي: تَحَيَّر. ومثله بَعِلَ وذَهِبَ.

حَدَّثَنِي ابْنُ مجاهدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اسماعيل، عنْ مُحَمَّد بن إسحاق البَلخي، قَالَ:

حَدَّثَنَا عَمْرو بْن مضارب، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَن يقرأ: «فإذَا بَرَقَ البَصَرُ» فقلت:

خالَفت عالمُ اللَّه فَقَالَ: أخطأ عالمُ اللَّه. قَالَ أهلُ اللُّغة: بَرَقَ وبَرِقَ لغتان، يُقال للمَيِّت إِذَا شَخَصَ: قَدْ بَرِقَ بَصَرُهُ. وخَسَفَ القَمَرُ يعني قمر العين، وهو ضوؤها.

<<  <   >  >>