[ومن سورة المدثر]
قولُه تَعَالى: {والرَّجْزَ فَاهْجُرْ}.
قَرَأَ عاصمٌ فِيْ رواية حفصٍ: «والرُّجْزَ» بضم الرَّاءِ.
وقرأ الباقون: ««والرِّجْزَ» بالكسرِ، فَقَالَ قومٌ: الرُّجز والرِّجز لُغتان، قَالُوا: والكَسرُ أفصحُ، لأنَّ الرِّجز والرِّجْس سيّان. العربُ تُبدل الرَّاءَ سِينًا، ومثله الَأزد والَأسد.
وقالَ آخرون: الرُّجز بالضَّمة: الصَنَمُ. وكان الرُّجُز صَنَمَيْن، إساف ونَائِلَة فزَجر اللَّه من كانَ يعظِّمهما.
وقولُه تَعَالى: {وَاللَّيْلِ إذ أدبر}.
وقرأ الباقون: «إِذَا دَبَرَ» فَقَالَ قومٌ: دَبَرَ وأدبر: لُغتان، وقبل أقبل: لُغتان، والاختيار عندهم دَبَرَ لعلتين:
إحْدَاهُما: أنَّ عَبَّاس قَالَ: يا عكرمة هَذَا حين دَبَرَ اللَّيل.
والعلةُ الثَّانيةُ: أنَّ العربَ تَقُولُ: دَبَرَ فهو دابِرٌ وأَنشد:
صَدَعَتْ غَزالَةُ قَلْبَهُ بِكَتِيْبَةٍ ... تَرَكَتْ مَسَامِعَهُ كَأَمْسِ الدَّابِرِ
وفيها قراءةٌ ثالثةٌ: قَرَأَ أُبيُّ بْن كَعْبٍ: «إِذَا أَدْبَرَ» بزيادة ألفٍ.
وحجَّةُ نافعٌ وحمزةُ قول رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أقبل اللَّيل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا فقد أَفطَرَ الصَّائِمُ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أدبر: ولي، ودَبَرَ: جاءَ خِلفي.
وقولُه تَعَالى: {إنّها لإحدى}.
اتفق القُراء السَّبعة عَلَى قَطْعِ الألفِ من «إحدى» كما قَالَ تَعَالى {إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} وإنما ذكرته لأنَّ ابنَ مجاهدٍ حَدَّثَنِي عنْ ابْنُ أَبِي خيثمة وإدريس، عنْ خلف، عنْ وهب، عنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابنَ كثيرٍ يقرأ: «إنها لاحدى الكِبَر» لا يهمزُ ولا يكسر.
قَالَ أَبُو عبدِ اللَّه: أسقطت الهمزة تخفيفًا، كما تَقُولُ العرب: زيدُ الأحمر وزيد لَحمر {وأَصْحَابُ الَأيْكَةِ} «وَأَصْحَابُ لَيْكَةِ» والاختيارُ قطعُ الألفِ؛ لأنَّ العربَ إذا