ومن السورة التي يذكر فيها
يوسف عليه السلام
- قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَبَتِ إِنِّي}.
قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحْدَهُ: «يَا أَبَتِ» بِفَتْحِ التَّاءِ، أَرَادَ، يَا أَبَتَاهُ فَرَخَّمَ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «يَا أَبَتِ» بِكَسْرِ التَّاءِ، أَرَادُوا: يَا أَبَتِي فَحَذَفُوُا الْيَاءَ لِلنِّدَاءِ، كَمَا تَقُولُ:
رَبِّ اغْفِرْ لِي.
وَوَقَفَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، «يَا أَبَهْ» وَالْبَاقُونَ يَقِفُونَ بِالتَّاءِ.
وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ: يَا أَبَهْ وَيَا أَبِي سَوَاءٌ، وَيَا عَمَّهْ وَيَا عَمِّي، فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ قِرَاءَةُ ابْنِ عَامِرٍ، يَا أَبَهْ ثُمَّ رَخَّمَ الْهَاءَ ثُمَّ رَدَّهَا وَتَرَكَهَا عَلَى فَتْحِهَا، كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ: يَا طَلْحَةُ أَقْبِلْ، يُرِيدُونَ يَا طَلْحُ، فَلَمَّا رَخَّمُوُا الْهَاءَ رَدُّوهَا بَعْدَ أَنْ حَذَفُوهَا وَتَرَكُوهَا مَفْتُوحَةً لِفَتْحَةِ الْهَاءِ، قَالَ النَّابِغَةُ:
كِلِينِي لِهَمٍّ يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الْكَوَاكِبِ
أَرَادَ: يَا أُمَيْمَ، ثُمَّ رَدَّ الْهَاءَ وَتَرَكَ الْهَاءَ مَفْتُوحَةً، فَهَذَا قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ، وَقَالَ غَيْرُهُمْ:
أَرَادَ: يَا أُمَيْمَتَاهُ، قَالَ الرَّاجِزُ:
فَيَا أبي ويا أبه حسنت إلا الرقبه ... فحسننها يا أبه كيما تجيء الخطبه
بإبل مجبجبه لِلْفَحْلِ فِيهَا قَبْقَبَهْ
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ}.
قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ «آيَةٌ».
وَالْبَاقُونَ «ءَايَاتٌ» جَمْعًا، لِأَنَّ أَمْرَ يُوسُفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَأْنَهُ وَحَدِيثَهُ كَانَ فِيهِ عِبَرٌ وَآيَاتٌ، وَمَنْ وَحَّدَ جَعَلَ كُلَّ أُمُورِهِ عِبْرَةً وَاحِدَةً، لِأَنَّ الْوِاحِدَةُ تَنُوبُ عَنِ الْجَمِيعِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا}. فَمَنْ قَرَأَ بِالتَّاءِ احْتَجَّ أَنَّهُ كُتِبَ فِي الْمُصْحَفِ بِالتَّاءِ، فَهَذِهِ التَّاءُ عَلَامَةُ الْجَمْعِ وَالتَّأْنِيثِ، وَالتَّاءُ الَّتِي فِي قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ تَاءُ التَّأْنِيثِ فَقَطْ، وَقِيلَ: الْيَاءُ أَلِفَانِ لَفْظًا وَإِنْ كَانَ الْخَطُّ بألف واحد، فَأَجْمَعَ النَّحْوِيُّونَ أَنَّ الْأَلِفَ الْأُولَى فَاءُ الْفِعْلِ أَصْلِيَّةٌ وَالثَّانِيَةُ اخْتَلَفُوا فِيهَا، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْأَصْلُ فِي آيَةٍ: أَيَيَةٌ،