للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ومن سورة البروج]

أقسم اللَّه تَعَالى بالسَّماء ذات البروج، وهي النُّجوم، كما قَالَ: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا}، {واليَوم المَوعُود}: يومُ القيامة الَّذِي وعد اللَّه أولياءه الجنة وأعد لأعدائه النار {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} قيل النَّحر والفِطر والجُمعة. وقيل: الشَّاهد يومُ عرفةَ، وهو أجلُّ الأعياد الَّذِي أنزل اللَّه تَعَالى فِيهِ. {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا} والمشهود: يوم القِيامة. هَذَا قول الحسن بن علي رضي الله عنه، وشاهده: {ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ}.

وقولُه تَعَالى: {ذُوْ العَرْشِ المَجِيْدِ}.

قرأ حمزة والكسائي بالخفض جعلاه نعتا للعرش أي ذو العرش الرَّفيع.

وقرأ الباقون بالرَّفعِ نعتًا ل‍ «ذو» وهو اللَّه تَعَالى وهو أحقَّ بأن يُوصف بالمجادة والمَجد حيثُ وَصَفَ نفسه فِيْ قولِهِ: {إنَّه حَمِيدٌ مَجِيدٌ}، والمَجيد - أيضًا -:

المُصحف قَالَتْ عَائِشَة لبريرة ائتيني بالمَجيد أي: المُصحف.

وما خَلَقَ اللَّه تَعَالى أعظم من العَرش؛ لأنَّ السَّماوات والَأرضين تحتَ العَرش كالحَلَقَةِ فِيْ أرضٍ فلاةٍ وقال المُفسرون: {ذو العرش المَجِيْدُ} أي: الجَواد الكريم {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} لأن المخلوق يفرق العبد من سيده، والسيد من أميره، والأمير من مالكه، والملك من اللَّه فليس فوقه أحد فهو فعال لما يشاء.

والعرش: سرير الملك أيضًا خاصة. والعرش أيضًا: عرش القدم وهو ظاهره.

فأمَّأ قوله في هذه السورة: {بل هو قرآن مَجِيْدٌ} جماعٌ إلا ما حَدَّثَنِي ابنُ مجاهدٍ، عنْ أَحْمَد بْن إِسْحَاق، عنْ أَبِيهِ، عنْ محبوب، عنْ إِسْمَاعِيل أنَّ اليماني مُحَمَّد بْن السميع قَرَأَ: «بَلْ هُوَ قُرْءَانٌ مَجِيْدٍ» مضافًا. وتقديره عندي: بل هُوَ قرآن ربّ مجيدٍ، فنابت الصفة عنْ الموصوف كما قَالَ:

غَفُورُ، وَلَكِنَّ الغِنَى رَبٌّ غَفُوُرِ.

عَلَى تقدير: ولكنَّ الغنى غِنَى ربِّ غفورٍ.

وقولُه تَعَالى: {فِيْ لَوْحٍ مَحْفُوْظٍ‍}.

قَرَأَ نافعٌ وحده: «مَحفوظٌ‍» بالرَّفعِ جعله نعتًا للقرآن، بل هُوَ قرآن محفوظٌ‍ فِيْ

<<  <   >  >>