للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ومن سورة القدر]

قولُه تَعَالى: {حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ}.

قَرَأَ الكِسَائيُّ وحده: «حَتَّى مَطْلِعِ الفَجْرِ» بكسر اللَّامِ، أراد بِهِ الموضع والاسم.

وقرأ الباقون: «مَطْلَعِ» بالفتح أرادوا المصدرَ حتَّى طُلُوعِ الفَجْرِ، تَقُوْلُ العَرَبُ:

طلعتِ الشَّمس مَطلعًا وطُلوعًا.

فإن قيل: بِمَ خَفضت حَتَّى مطلع الفَجر وَقَدْ رَأَيْت «حَتَّى» تنصب فِيْ نحو قولِهِ «حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ»؟

فالجوابُ فِيْ ذَلِكَ أن «حَتَّى» إِذَا كانت غايةً خَفَضَتْ الاسمَ بإضمارِ إلى ونصب الفعلَ بإضمارِ إلى كقولك: دخلت البلاد حَتَّى الكوفةَ أي: حَتَّى انتهيتُ إلى الكوفةِ، وإلى مطلع الفجر.

وأمَّا الفعلُ فقولك: أسيرُ حَتَّى أدخلَها أي: إلى أَنْ أدخلها وإلى أَن يَقُولَ الرَّسُولُ.

ولها وجوهٌ قَدْ بيَّنتُها فِيْ سورةِ البقرة فالوقف عَلَى قولُه: «من كلِّ أَمْرٍ» ثُمَّ تبتدئ «سَلَامٌ» أي: هِيَ سَلَامٌ حَتَّى مَطلع.

وقرأ ابنُ عَبَّاس: «من كل امرئ سَلَامٌ» بالياء، ويروي عنْ عكرمة مولاه أيضًا كذلك.

وقال أهلُ التَّفسيرِ: {إنَّا أَنْزَلْنَاهُ} الهاءُ كنايةٌ عنْ القرآن وإن لم يتقدم ذكره؛ لأنَّ المعنى مفهوم أنزله اللَّه من اللَّوْحِ إلى السَّماءِ إلى السَّفَرَةِ وهم الكَتَبَةُ من الملائكة. وكان ينزل جبريل عَلَيْهِ السَّلام إلى النَّبي عَلَيْهِ السَّلام فِيْ السنة كلها إلى مثلها من قابل حَتَّى نزل القرآن كلُّه فِيْ شهرِ رمضان {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} ثُمَّ عظَّم تَعَالى شأنه هَذِهِ اللَّيلة، فَقَالَ: {وَمَا أَدْرَاكَ} يا مُحَمَّد {مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} ثُمَّ قَالَ: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} ليس فيها ليلة القدر.

وقال الضَّحَّاكُ عنْ ابنِ عبَّاسِ: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ} قَالَ الرُّوح عَلَى صورةِ الْإِنْسَان. وهو قولُه: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا}.

وقال آخرون: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ} الرُّوحُ: جبريل عَلَيْهِ السَّلام، كما قَالَ اللَّه تَعَالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوْحُ الَأمِيْنُ} لأنَّه وإن كَانَ مِنَ المَلائِكَةِ فإنَّه أُفرد بالذِّكر تَعْظِيْمًا

<<  <   >  >>