[ومن سورة المرسلات]
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه: المُرسلات ملائكةٌ أقسمَ اللَّه تَعَالى بها كما أقسم ب «والصافات صَفًّا» وهم الملائكةُ.
وقولُه تَعَالى: {عُرْفًا}.
أجمعتِ القُراء عَلَى إسكان الرّاء إلا عِيسَى بْن عُمَر فإنه قَرَأَ: «والمُرْسَلَاتِ عُرُفًا» بضَمَّتَيْنِ، كما قرأ «أليس الصبح بقريب» ونظير لَهُ.
وقولُه تَعَالى: {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا}.
قَرَأَ أَبُو عَمْرو وحمزةُ والكِسَائِيُّ وحفصٌ، عنْ عاصم مخففتين جعلوه مصدرًا بمعنى الِإعذار والِإنذار.
وقرأ الباقون: «عُذْرًا» مثلهم «أَوْ نُذْرًا» مثقَّلًا عَلَى الجَمع، كأنه نَذيرٌ ونُذُرٌ، وجماعهم عَلَى تخفيف عُذر يوجب تخفيف نُذر والعُذرة والمَعذرة والعَذير بمعنى المصدر، قَالَ سيبويه - فِيْ قولِه -:
عَذِيْرُك مِنْ خَلِيْلِكَ
إنه مصدرٌ.
وحدَّثني أَبُو عَمْرو النَّيْسَابُوريّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمة، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الرزاق، عنْ مَعمر، عنْ أيوب، عنْ ابْنُ سِيرِين، عنْ عُبَيْدَةَ، قَالَ كَانَ عليّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِذَا أعطى النَّاسَ فرأى ابنُ ملجم قال:
أريد حياءه ويُرِيْدُ قَتْلِي ... عَذِيْرُكُ مِنْ خَلِيْلِكَ مِنْ مُرَادِ
فنصب قولُه: «عُذرًا أَوْ نذرًا» عَلَى تقدير: أرسلت الملائكة إعذارًا أَوْ إنذارًا، وَيُقَال: عذَّر فلان أي: قصروا عذر أي: تعذر المُزين الغُلام: إِذَا خََتَنهُ. قَالَ الشَّاعِر:
تَلْوِيَةَ الخَاتِنِ زُبَّ المَعْذُوْر
وَيُقَال للرَّجُل إِذَا افتضَّ الجارية: «هُوَ أَبُو عُذرها وعُذرتها» والعُذرة: جمع يكون فِيْ حلق الصبي عند اللهوات. والِإعذار: طعامُ الخِتان كما أن الوَكيرة: طعامُ البِنَاء، والخُرس: طعامُ النُّفساء، والنَّقيعة: طعامُ القادِم من سفره، والشَّدِيْخَةُ: طعامُ الِإملاك، والوَضيمة: طعامُ المأتم، والوَليمة: طعامُ العُرس.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute