قرأ أهلُ الكوفةِ بالتَّاءِ عَلَى الخِطَاب. أي: قُل لهم يا مُحَمَّد حين أنكروا البعث والنشور أو لم تروا كيف يبدئ اللَّه الخلق أي: إذا أنكرتم الإِعادة كان الابتداء أولى بالنكرة، فهو مقرون بأنَّ اللَّه خالقهم ومثله:{ينْشِئُ النَّشْأَةَ الَأخِرَةَ}.
بدأ اللَّه الخَلْقَ، وأبدأهم، وشاهده:{وهوَ الذّي يَبْدؤُاْ الخلق} و {كيف يبدئ الله} والمصدر من أبدأ مبدئ إبداء فهو مبدئ، ومن بدأ يبدأ بدأَ وبدوًا فهو بادئٌ، والمفهوم مبدوء، يقال:«رجع عوده عَلَى بدئه» بالهَمْزِ. وأمَّا بَدَا يبدو بغيرِ همزٍ، قَالَ: ومعناه: ظهر: وسمعتُ أبا عُمَر يَقُولُ: ويجوز «رَجَعَ عَوْدُهُ عَلَى بَدْوِهْ» بغير همزٍ، قَالَ: ومعناه: الظُّهور، وهو كقولهم:«مَا عَدَا مِمَّا بَدَا» فقلت له: لم جمعه بين لفظتين بمعنًى. فَقَالَ: هَذَا كقولهم: «كَذِبًا ومَيْنًا» فَجَمَعَ بين اللّفظتين لما اختلفتا.
وقولُه:{يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الأخِرَةَ}.
قرأ ابنُ كثيرٍ وأبو عَمْرٍو:«النَّشآءة» بالمد مثل سقم سقامةً. والنَّشأة: المَرَّةُ الواحدةُ سقم سقمة، قَالَ: وهو مثل قوله: {وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ} يقال: نشأ الغلام فهو ناشئ وامرأة ناشئة، والجمعُ نواشئ. ويقال للجواري الصِّغار الملاح: النَّشأ، قَالَ نصيب:
ولولا أن يقال صبا نصيب ... لقلت بنفسي النشأ الصغار
وأنشأهم اللَّه ينشئهم إنشاءً فهو منشئٌ كما قال:{إنا أَنَشْأَنْاهُنَّ إِنْشَاءً} ويقال نشيتُ ريحًا طيِّبَةً بغير همز، ورجل نشوان من الشراب، ورجل نشيان الخبر: إذا كان يتخير الأخبار. حَدَّثَنِي ابنُ عرفة وغيره عن ثعلب.