ومن سورة العَصر
قَرَأَ النَّاسُ كلُّهم: «والعَصْرِ» بإسكان الصَّاد إلا سلّامًا أبا المُنذر فإنه قَرَأَ «والعَصِرْ» بكسر الصاد، وكأنه أراد الوَقف كما قرأ أبو عمرو: «وتواصوا بالصبر» بكسر الباء، وبإسكان الراء فيما حَدَّثَنِي ابْنُ مجاهد عنْ سُليمان أَبِي عَبْد اللَّه، عنْ أَبِي حاتم، قَالَ: قَرَأَ أَبُو عَمْرو: «وتَواصَوا بالصَّبِرْ» بكسر الباء، وإسكان الراء، أراد: بالصبر فنقل كسرة الراء إلى الباء؛ لأن العرب لا تقف إلا عَلَى ساكن فيقولون مررت ببكِر، وكنت عند عمرو، وأضرب بالسيف .... ، وجاني بكرِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
أَنَا جَرِيْرٌ كُنيَتِي أَبُو عَمِرو ... أَضْرِبُ بالسَّيِفِ وسَعْدٌ فِيْ القصر
وقال آخر:
علمنا أخوالنا بنو عَجَلْ ... شُرْبَ النَّبِيْذِ واعتِقَالًا بالرِّجِلْ
أَرَتْنِيَ حِجْلًا عَلَى سَاقهَا ... فَهَشَّ الفُؤَاْدُ لِذَاك الحِجِلْ
الحِجْلُ: الخِلْخَالُ:
يا عجبًا والدَّهرُ باقٍ عَجَبُهْ ... من عَنَزِيٍّ سَبَّنِيْ لَمْ أَضْرِبُهْ
وأراد: لم أضرْبهُ بإسكانِ الباءِ وضمِّ الهاءِ، فنقل ضمة الهاء إلى الباء ليكون واقفًا عَلَى ساكن. فالصَّبرُ: ضدُّ الجزع ساكنُ الباءِ، وأمَّا هَذَا الدَّواء الَّذِي يُشرب فالصَّبِرُ بكسر الباء، واحدتها صَبِرَةٌ، وبها سمي الرَّجُلُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
صَهْصَلِقُ الصَّوتِ بعينيها الصَّبِرْ ... يهرٌّ مَنْ قالتها ولا تَهِرْ
ويروى:
يفر من قاتلها ولا تفر.
يَصِفُ امرأةً سَلْفَعًا جريئةً رفيعةَ الصَّوتِ.
ومن ذَلِكَ حديثُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ماذا فِيْ الأمرين من الشِّفاء».
الشِّفاءُ: الصَّبِرُ. الشَّفاء: الحرفُ.
وأجمعَ النَّاسُ عَلَى إسكانِ السِّين «لَفِي خُسْرٍ» إلا عِيسى بْن عُمَر، فإنه قَرَأَ: «لَفِي خُسُرٍ» بضمتين.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute