[ومن سورة النازعات]
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه: قال قوم: {والنازعات} الملائكةُ. وقال بعضُ النَّاسِ: «النَّازعاتِ» هاهنا: مَلَكُ المَوْتِ وحدَه عَلَيْهِ السَّلام ينزع روحَ الكافرِ حَتَّى إِذَا بَلَغَ ترقوته غَرَّقها فِيْ حلقه. {والناشطات نشطا}: ملك الموت يَنْشِطُ روحه من حلقه فالسَّابِحَاتِ {سَبْحًا}: ملك الموتِ وحدَه يقبضُ روح المُؤمن كالسَّابح فِيْ الماءِ سهلًا سَرْحًا فِيْ حريرة بيضاءَ من حرير الجَنَّةِ يسبق بِهِ ملائكة الرَّحمة.
قَالَ أَبُو عُبَيْدةَ: نَشَطَ يَنْشِطُ، وأنشد:
أَمْسَتْ هُمُومِيْ تَنْشِطُ المناشِطَا
وقال الفَرَّاءُ: تُقبَضُ نفسُ المُؤمنِ كما يُنشط العقال من يد البَعيرِ، وأكثر ما سمعتُ أنشطت بألفٍ، «وكأنَّما أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ» فإذا رَبَطت الحبل فِيْ يَدِ البعيرِ قلت:
نَشَطْتُهْ، وإذا حَلَلْتَه قلت أَنْشَطُتُه. وقال: فِيْ قولِهِ: {فالسَّابِقَاتِ سَبْقًا} يعني:
الملائكةَ تَسبق الشَّياطين بالوَحْي لئلَّا تَسترق السَّمع. {فالمُدَبِّرات أَمْرًا} يعني:
الملائكةَ تنزل بالحلالِ والحَرامِ فذلك تَدبيرها بعد أمرِ اللَّه وإرادته.
وقولُه تَعَالى: {عِظَامًا نَخِرَةً}.
قَرَأَ عاصمٌ وحمزةُ فِيْ رواية أَبِي بكرٍ والكِسَائِيّ بألف إتباعا لرءوس الآي إذ كَانَ قبلها وبعدها «ساهرةً» و «فِيْ الحافِرَة» وقال الكِسَائِيّ: لا أُبالي كيفَ قرأت «نَخِرة»، أَوْ ناخِرة.
وقرأ الباقون: «نَخِرَةً» بغير ألفٍ، قالوا: لأنه الأكثر في كلام العرب، ولأنه قَدْ روى عنْ عليّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ «عِظَامًا نَخِرَةً» قَالَ النَّحويون: ناخِرة ونَخِرة لغتان مثل الباخل والبَخِلُ، والطامع والطَمِعُ.
وحدَّثني ابنُ مجاهدٍ، عنْ السِّمَّرِيِّ، عنْ الفَرَّاء. قَالَ: النَّخِرَةُ البالية، والنَّاخرة العظم: المجوَّف الَّذِي يدخل فِيهِ الرّيح فينخر.
وقولُه تَعَالى: {طُوًى اذْهَبْ}.
قَرَأَ أهل الكوفة منونًا مُجرى جعلوه اسمَ وادٍ.
وقرأ الباقون: «طُوى» غيرُ منوَّنٍ، جعلوه اسمَ أرضٍ فلم يُجروه.