للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن سُورة المنافقون

قولُه تَعَالى: {كَأنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ}.

قَرَأَ ابنُ كثيرٍ برواية قُنبلٍ وأبو عَمْرٍو والكِسَائِيُّ «خُشْبٌ» مُخففًا.

وقرأ الباقون: «خُشُبٌ» مثقَّلًا، ثُمَّ يجمع الخشاب عَلَى خشب، والواحد خَشَبَةٌ وتجمع الخَشَبَةُ عَلَى خشاب، ثُمَّ تجمع أيضا عَلَى خشاب وخشابًا عَلَى خشبٍ، والخشاب فِي غير هَذَا قبيلةٌ، قَالَ جريرٌ:

عَدَلْتُ بِهَا طُهَيَّةَ والخِشَابَا

قَالَ الفَرَّاءُ يجمع الخَشب خشابًا ثُمَّ تجمع عَلَى خُشُبٍ مثل ثِمَار وثُمُرٍ. وإن شئتَ تجمع خَشَبَةً عَلَى خُشب مثل بَدَنَةٍ وبُدُنٍ، ومن أسكنَ مالَ إلى التَّخفيفِ، يُقال:

خُشْبٌ جمع خَشْباء مثل حَمْرَاءَ وحُمْرٍ ومَن أسكنَ الشّينَ فله مذهبان:

أحدُهما: أن يكونَ أرادَ المُثَقَّلَ فخفَّف، كما تَقُولُ فِي رُسُل: رُسْل.

والوجه الثَّاني: أنَّ العربَ تجمع فَعَلَةَ عَلَى فُعْلٍ، قَالَ اللَّه تَعَالى {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ} فالواحدة بَدَنَةٌ.

قَالَ أَبُو عَمْرٍو: إنما أَجزت التّخفيفَ، لأنَّ الواحدةَ خَشْبَاءَ مثل حَمْرَاءَ، قَالَ أوسُ بْن حَجَرٍ - شاهدًا لأبي عَمرو -:

كأنَّهُمُ بَيْنَ السُّمَيْطِ‍ وَصَارَةٍ ... وجُرْثُمِ والسُّوبانِ خُشْبٌ مُصَرَّعُ

والوَقف عَلَى قولِهِ: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} ثُمَّ تَبْتَدِئُ {هم العدو فاحذرهم}.

وقوله تعالى: {لووا رؤسهم}.

قَرَأَ نافعٌ وحده: «لَوَوْاْ رُءُوسَهُمْ» مخفَّفًا جعله من لَوى يَلْوِيْ والأصلُ: لَوَيواْ فحُذفت الضَّمةُ من الياءِ، فالتَقَى ساكنان الياءُ والواوُ فَحَذَفُواْ الياءَ لالتقاءِ السَّاكنين.

وقرأ الباقون: «لَوَّوْاْ» مشدّدًا، ومعناه: ينغضون رءوسهم أي: يحركون، استهزاء بقراء رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمُصدر من المُخَفَّفُ: لَوَى يَلْوِيْ لَيًّا فهو لاوٍ، والأصلُ: لويًا فقَلبوا من الواوِ ياءً، وأَدغموا الياءَ فِي الياءِ، ولَوَيْتُ غَرِيْمِي أَلوِيه لَيًّا، وليانا، وينشد:

<<  <   >  >>