للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن سورة «عم يتسآءلون»

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه: إنَّما نَزَلَتْ هَذِهِ أنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا حدّث قريشًا وعرَّفهم أخبارَ الُأمم السَّالفة ووعظهم فكانوا يهزءون بذلك فنهاه اللَّه أن يحدِّثَهم، فَقَالَ: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ، } فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه فإذا أقبل واحدٌ من المشركين أمسك فاجتمعوا عنْ بكرةٍ أَبيهم فقالُوا:

والله يا محمد إن حديثك لعجيب، وكنا نتمنى أن نَسْمَعَ حديثَك فَقَالَ: إنَّ ربي نهاني أن أُحدِّثكم فأنزل اللَّه تَعَالى: {عمَّ يَتَسَآءَلُونَ} لفظه لفظ‍ الاستفهام ومعناه التَّوبيخ. ثُمَّ بيَّن اللهُ تَعَالى فَقَالَ: {عَمَّ يَتَسَاءلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} أي: تَسألون عنْ النَّبأِ العَظيم والأصلُ فِيْ «عمَّ»: عمَّا، فحذفت الألف اختصارًا، ومثله: {فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا} والأصل: فِيما، ومثله لِمَ، والأصل: لمَا، وكذلك العرب تحذف ألف عَلَامَ يَذْهَبُ، ولم يأت ذَلِكَ فِيْ القرآن.

حَدَّثَنِي أَبُو عُمر، عنْ ثعلب، عن سلمة، عن الفراء، عن الكسائي، قَالَ: تَقُولُ العرب: لِمَ فعلتَ، ولِمْ فعلتَ، ولَمْ فعلتَ، ولَمَا فَعلتَ أربعُ لُغاتٍ. وَقَدْ روى عنْ ابنِ كثيرٍ أَنَّهُ كَانَ يقف عمه، ولمه بالهاء.

- وقولُه تَعَالى: {كَلَّا سَيَعْلَمُوْنَ}.

قَرَأَ ابنُ عامرٍ وحده: «كَلَّا سَتَعلمون» بالتَّاءِ جميعًا عَلَى الخطاب.

وقرأ الباقون بالياء، وهو الاختيار لقوله: «عَمَّ يَتَسَاءلُونَ ........... »

«الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ» ولم يَقُل: أنتم فِيهِ مختلفون. غير أنَّ التاء جائزةٌ إذْ كانت العربُ ترجع من الغَيبة إلى الخطاب، ومن الخطاب إلى الغَيبة، وهذا كلامُ وَعِيْدٍ وفيه رَدعٌ وزَجٌر أعني «كلَّا» وعند آخرين «كلا» هاهنا بمعنى حَقًّا سيعلمون.

وقولُه تَعَالى: {وفُتِحَت السَّمَاءُ}.

قَرَأَ أهلُ الكوفةِ مخفَّفًا.

والباقون مشدَّدًا. وَقَدْ ذكرتُ علته فِيْ الزُّمر.

<<  <   >  >>