للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه تَعَالى: {يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ}.

قَرَأَ القُرَّاءُ السَّبعةُ بفتحِ الفاءِ.

وقرأ ابنُ عَبَّاسٍ: «أينَ المِفرُّ» بالكسر. قَالَ الفَرَّاء: المَفَرُّ والمَفِرُّ والمَدَبُّ والمَدِبُّ بمعنًى واحدٍ، يُقال: المَفَرُّ بالفتح: المصدر، وهو الفرار، والمَفِرُّ الَّذِي يُفَرُّ إِلَيْه.

وحدَّثني ابْنُ مجاهد: قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْن هارون، عنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَمَّاد، عنْ يَحيى بْن سَلَمة بْن كُهَيْل، عنْ أَبيه، عنْ مجاهد، عنْ ابْنُ عَبَّاس: «أَيْنَ المفِرّ» بكسر الفاءِ. قَالَ ابنُ عَبَّاس: يعني الهَرَبَ {كلَّا لَا وزر} أي: لا ملجأ يلجئون إِلَيْه. وَيُقَال: الوَزَرُ: جَبَلٌ بمكَّة. وكانت العرب تَلْجَأُ إِلَيْه عند الشَّدائد فخبرهم اللَّه أن لا حصنَ لهم، ولا مفرَّ ولا مَلجأ من اللَّه إلا إِلَيْه.

وأخبرني أَبُو الْعَبَّاس بْن زُرَيْقٍ، عنْ عبدِ اللَّه بْن سُفْيَان، قَالَ: تقولُ العَرَبُ: «لكلِّ داخلٍ بَرقة»، أي: دَهْشَةٌ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه: وهو من قول اللَّه تَعَالى: {فَإِذَا بَرِقَ البَصَرُ} أي: دَهَشَ وتَحَيَّرَ.

وقولُه تَعَالى: {بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ}.

قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: «بل يُحبُّون ..... ويَذرونَ» بالياء ردًّا عَلَى الِإنسان.

وقرأ الباقون بالتَّاء عَلَى الخطاب أي: قل لهم يا مُحَمَّد: «بل تُحبُّونَ» هَذِهِ العاجلةَ الفانيةَ «وتَذرون الآخرةَ» الباقية، ثُمَّ وصفَ تَعَالى المؤمن والكافر عَلَى أثرها، فَقَالَ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ} أي: مشرقة حسنة {إلى رَبِّها نَاظِرَةٌ، وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ} أي: كالِحةٌ من قولُه: {تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ}.

قَالَ أَبُو عبدِ اللَّه: ذكرَ الخليلُ فِيْ كتاب العين، قَالَ عَبَسَ الرَّجُلُ، فإن أبدى عنْ أسنانه قيل: كَلَحَ، فإن اهتمَّ لذلك قيل: بَسَرَ فإن غضب قيل: بسل، فإن زوى عن عينيه قيل: قاطب، يقال: قطب ما بين عينيه وقطب.

وقولُه تَعَالى: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ}.

قَرَأَ عاصمٌ فِيْ روايةِ حَفْصٍ: «وَقِيْلَ مَنْ» يسكتُ سكتةً فيقطع ثُمَّ يَبتدئ «رَاقٍ» وهو يَصِلُ أعلامًا أنّ «مَنْ» منفصلةٌ من الرَّاق. ومعناه هَلْ من مداوٍ من الرقية.

<<  <   >  >>