زد عَلَى النّصف إلى الثُّلثين، جعل اللَّه لَهُ سعةً فِيْ مدة قيامه فِيْ اللَّيل، فلما نزلت هذه الآية قامَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وطائفةٌ من المؤمنين مَعَهُ أدنى من ثلثي الليل شيئًا يسيرًا وقاموا نصفه، وثلثه، وأخذ المُسلمون أنفسهم بالقيام عَلَى المقادير حتَّى شقَّ ذَلِكَ عليهم. فأنزل اللَّه تَعَالى:{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ}. أي: تَقومُ نصفه وثلثه، {وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ}.
مقدار ثلثيه ونصفه، وثلثه، وسائر أجزائه، ويَعلم أنّكم لن تحصوه، أي: لن تُطيقوا القِيَامَ على هذه المقادير، {فتاب عليكم فاقرؤا ما تيسر من القرآن}. فذهب الشَّافعيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلى أن ما تيسر من القُرآن هُوَ الحَمْد، وقيل: مائة آيةٍ، ورَخَّص لهم فِيْ أن يقوموا ما أَمكن، ثُمَّ نَسَخَ اللَّه ذَلِكَ بالصلوات الخَمس.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فأمَّا نِصْفَهُ فأجمع القراء عَلَى كسر النون وإسكان الصَّاد وللعرب فِيهِ أربعُ لغاتٍ: يُقال: نِصْفُ الشيءِ، ونَصفه ونُصفه، ونَصِيْفُه. ومن ذَلِكَ حديث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«لا تَسُبُّواْ أصحابِي فإنَّ أحدكم لو أَنْفَقَ مثل أُحُدٍ ذَهَبًا ما بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيْفه» قَالَ الشَّاعِر:
لَمْ يَغْذُهَا مُدٌّ وَلَاْ نَصِيْفُ ... ولا تُمَيْرَاْتٌ ولا تَعْجِيْفُ