قرأ أهلُ الكوفةِ:«وَلَقَدْ صدَّق عليهم» بالتّشديد «إبليسُ» بالرَّفعِ «ظنَّه» مفعولٌ، وذلك أن إبليس - لعنه الله - قال ظنيا لا مستيقنا «ولَأمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ»«ولأُضِلَّنَّهُمْ» فلمَّا تبعه من قد سبق شقاؤه عندَ اللَّه صَدَّقَ ظنه، قال ابن عباس: ظن فَصَدَقَ ظَنَّهُ.
وقرأ الباقون:«وَلَقَدْ صَدَقَ» مخففًا و «ظنَّه» نصبا أيضًا؛ لأنه يُقال: صدَّقْتُ زيدا وصدقت زيدا وصدقته وكذبته وكذبته وينشد:
وفيها قراءةٌ ثالثةٌ: قرأ أبو الحجاج: «وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيهِمْ إبليسَ ظَنُّهُ» جعل الفعل للظَنِّ ونصب «إبليس» قَالَ النَّحويون: وهو صوابٌ، كما تَقُولُ صدَّقني ظنِّي، وكذَّبني ظنِّي.
وقولُه تَعَالى:{إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}.
قرأ ابنُ كثير ونافع وابن عامر وحفص، عن عاصم: أَذِنَ بفتح الهمزة وكسر الذال، أي: أذِنَ اللهُ لَهُ.
وقرأ الباقون:«أُذِنَ لَهُ» عَلَى ما لم يُسمَّ فاعله، وَيُقَال: أذنت للرجل فِي الشيءِ يفعله بمعنى: أعلمته، وأذنتُهُ أيضًا، وأذنَ زيدٌ إلى عُمَر: إذا استمع إِلَيْه. جاء في الحديث:«مَا أَذِنَ اللَّهُ بِشَيْءٍ قَطُّ كَإِذْنِهِ لِنَبِيٍّ حَسَنَ الصَّوتِ يَتَغَنَّى بالقُرْآن».
وقولُه تَعَالى:{وَهُمْ فِي الغُرُفاتِ آمِنُوْنَ}.
قرأ حمزةُ وحده:«فِي الغرفة» بالتوحيد، لأن الله تعالى قال:{أولئك يُجْزَوْنَ الغُرْفَةَ بمَِا صَبَرُوا} وفي الجَنَّة غُرفاتٌ وغُرَفٌ. غير أنَّ العَرَب تَجتزئ بالواحد عن الجَماعة فيقولون:«رزقك اللَّه الجنة يريدون الجَنَّات» و «أهلك النَّاس الدِّيْنَارَ والدِّرْهَمْ» يريدون: الدّنانير، والدَّراهم، وقال اللَّه تَعَالى:{والمَلَكُ عَلَى أَرجائهَا} يريد المَلائِكَةَ.
وقرأ الباقون:«فِي الغُرُفاتِ» بالجماع. وشاهدهم قولُه:«لَهُمْ غُرَفٌ من فَوْقِهَا غُرَفٌ» فغرفة وغرفات مثل ظلمة وظلمات، وهو جمع قليل، وغرفة وغرف جمعُ كثيرٍ مثل ظُلمة وظُلم، وأجاز النَّحويون غُرْفات وظُلْمَاتٍ بالإِسكان تخفيفًا. وأجاز النحويُّون