ظُلَمات وغُرَفات بفتح اللام والراء، لو قيل فِي الواحد: غرفة وظلمة لجاز، كما قَالَ اللَّه تَعَالى: {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الجمعة} وقرأ الأعمش: «من يوم الجمعة» بجزم الميم، وكلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ ولله الحمد.
وسَمِعْتُ مُحَمَّد بْن أَبِي هاشمٍ، يَقُولُ: سمعتُ ثعلبًا يَقُولُ: إذا ورد الحرف عن السبَّعة. وقد اختلفوا ثُمَّ اخترتُ لم أفضل بعضًا عَلَى بعضٍ، فإذا ورد فِي الكلام اخترتُ، وفَضَّلْتُ.
وقولُه تَعَالى: {وأنَّي لَهُمُ التَّنَاوُشُ}.
كان أَبُو عَمْرٍو يقرأ بين بين وكذلك نافعٌ، وهو إلى الفتح أٌقرب.
وحمزة والكِسَائِيُّ بالإمالة «أَنَّي».
والباقون يَفتحون.
وقولُه تَعَالى: {التَنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيْدٍ}.
قرأ أهلُ الكوفةِ غير أَبِي بَكْرٍ وأبو عمرو: «التناوش» بالهمز.
وقرأ الباقون بتركِ الهمزِ. فاختلف النَّحويون فِي ذَلِكَ، وقال قومٌ: هما لغتان:
نشت، ونأشت، وتنوش، وتناش، والتناوش، قَالَ الشَّاعِر:
فهيَ تَنُوْشُ الدَّلْوَ نَوْشًا مِنْ عَلَا ... نوشًا بِهِ تَقْطَعُ أجوازَ الفَلَا
وقال آخرون: التَّناوشُ - بترك الهمز - التَّناولُ - والتَّناؤش - بالهمز -:
التَّباعُدُ، قَالَ رؤبة:
كَمْ ساقَ مِنْ امْرِئٍ جَحِيْشِ ... إلَيْكَ نَأْشُ القدر النئوش
وقال آخر:
تمنيت نُئَيْشًَا أَنْ يَكُونَ أطَاعَنِي ... وَقَدْ حَدَثَتْ بَعْدَ الُأمُوْرِ أُمُوْرُ
وفي هذه السُّورة أربعُ ياءاتٍ اختُلف فيها:
{مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُوْرُ} و {أَرُوْنِيَ الَّذِيِْنَ أَلْحَقْتُم} و {إنْ أَجْرِيَ إلّا} و {إلى رَبِّي إنَّه سَمِيْعٌ}. فتحهن نافعٌ وأبو عَمْرٍو.
وفتح ابنُ كثيرٍ وعاصمٌ والكِسَائِيُّ وابنُ عامر: «مِنْ عِبَادِيَ»، «وأَرُوْنِيَ» وأسكنوا الحرفين، وفتح حمزة: «أَرُوْنِيَ الَّذِيِْنَ» فقط، وفتحَ حفصٌ، عن عاصمٍ، وابنُ عامرٍ «إنْ أجْرِىَ» وقد ذكرتُ علّته فيما سَلَفَ من الكتابِ.