وقولُه تَعَالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوْتِكُنَّ}.
قرأ عاصمٌ ونافعٌ بفتح القاف جعلاه من الاستقرار، لا من الوقار، والأصل:
واقررن براءين مثل اقررن يا نسوة، واغضضن فحذف إحدى الراءين تخفيفًا كما قال: {فظلتم تفكهون}. والأصل: فظلتم، تقول العرب: حسيت بالشيء وأحسست ومَسَسْتُ الثوب ومسيتُه، كأنَّهم يكرهون اجتماعَ حرفين فيحذفون واحدًا، قَالَ الشَّاعِرُ:
خَلَا أنَّ العِتَاقَ مِنَ المَطَايَا ... أَحَسْنَ بِهِ فَهُنَّ إِلَيْهِ شُوْسُ
وقرأ الباقون: «وقِرْنَ فِيْ بُيُوْتِكُنَّ» بكسر القاف جعلوه من الوَقار، والأصل أن تَقُولُ: وقر يَقِرُ مثل وَزَرَ يَزِرُ، وَوَعَدَ يَعِدُ، والأمر: قِر، مثل عِد وزِن، وقِرُوا للرجال مثل زِنُوا وقِرْنَ يا نِّسْوَهِ مثل عِدْنَ.
وفيه قول آخر - ما علمتُ أحدًا ذكره - وهو أن يكون من قِرَّ بكسر القافِ، أراد: الاستقرار؛ لأن الكِسَائِيّ حكى أن من العرب مَن يَقُولُ: قررت فِي المَكان أَقِرُّ، والأمر من هَذَا قِرَّ فِي بيتك يا فتى، واقرر، وأقررن، ثُمَّ نقل كسرة الراء إلى القاف، وحذف إحدى الراءين تخفيفًا.
وقولُه تَعَالى: {وَلَا تَبَرَجْنَ}.
قرأ ابنُ كثيرٍ بالتَّشديد برواية البزي.
والباقون بتخفيفها.
وقولُه تَعَالى: {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ}.
قرأ أهلُ الكوفةِ وهشامٌ، عن ابْنُ عامرٍ بالياء، لأن تأنيث الخيرة غير حقيقي.
وقرأ الباقون بالتاء التأنيث: «الخيرة» ومن العرب من يسكن الياء، فيقول: خِيْرَة.
فأمَّا الخيرُ فجمع خيرة، والخَيْرُ بتسكين الياء: الكرم، والأصل أن يقال: فلانٌ كريمُ الخير والخيم، قَالَ المُنَخَّل:
إنْ كُنْتِ عاذِلَتِي فَسِيْرِى ... نَحْوَ العِرَاقِ وَلَاْ تَحُوْرِىْ
لَا تَسْأَلِي عَنْ جُلَّ مَالِيْ ... وانْظُرِيْ حَسَبِيْ وَخَيْرِيْ
فأمَّا قولُه: «فِيْهِنَّ خَيراتٌ حِسَانٌ» فالواحدة خير بسكون الياء وفتح الخاء.
وروى: «فِيْهِنَّ خَيِّراتٌ حِسَانٌ» فالواحدة خيرة، والمذكر خَيِّرٌ مثل سَيِّدٌ. فأمَّا الخيرُ