مُوسَى، فلمّا صارت إلى المجلس وَجَدت قارون فِي المجلس، فأدركتها العصمه وهابت مُوسَى، وقالت فِي نفسها ليس لي يومُ توبةٍ أشرفَ من هَذَا، فقالت: إنَّ قارُون حَمَلَني عَلَى أن أَدَّعي عَلَى مُوسَى ذَيت وذَيت، فَقَالَ مُوسَى للأرضِ: خُذِيْه، فاخذته إلى ساقه، فَقَالَ: يا مُوسَى سألتك باللهِ والرَّحِم، فَقَالَ للأرض: خذيه: فابتلعته فهو يتجلجل فيها إلى يومِ القيامة.
فذلك قوله: «فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ» وقرأ شَيْبَةُ: «فَخَسَفْنَا بِهُ» بضم الهاء.
وقد أنبأت بعلَّةِ ذلك فيما سلف من الكتاب.
فأمَّا قولُه: {وَيْكَأَنَّهُ}، ففيه قولان؛ يكون متصلًا، ومنفصلًا، فاختار أهلُ البصرةِ أن تَقِفَ عَلَى «وَيْ» ثُمَّ تبتدئ: كأنَّه، و «وَىْ» كلمة حُزْنٍ عندهم. قَالَ الشَّاعِر:
سألتاني الطلاق أن رأتاني ... قل ما لي قَدْ جِئْتُمَانِي بِنُكْرِ
وَيْ كَأَنَّ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَبٌ يِحْ ... بَبْ وَمَنْ يَفْتَقِرْ يَعِشْ عَيْشَ ضُرِّ
واختارَ الكوفيُّون أن يجعلون «وَيْكَأَنَّهُ» كلمةٌ واحدةٌ؛ لأنهم وجدوه كذلك فِي المُصحف مكتوبا، ومعنى «ويكأنه»: ألم تر أنه.
وقال آخرون: «ويْكَأَنَّه» معناه: ويْلَكَ إنَّه فحذف اللام تخفيفًا.
حَدَّثَنِي ابنُ مجاهدٍ، عن السِّمَّرِيِّ، عن الفَرَّاءِ، قَالَ: سألتْ امرأةٌ من الأعراب زوجها عن ابنه، فقال: ويكأنه وراء الحائط، ومعناه: ألا ترينه، وأ لم تَرَىْ أَنَّهُ وراء الحائط.
وفي هذه السُّورة من الياءات المختلف فيها: {أنِّيَ أُرِيْدُ}.
فتحها نافعٌ.
وأسكنها الباقون.
و{سَتَجِدُنِي}، و {إنَّي آنست نارا لعلي آتيكم}، و {إني أنا الله} وو {معي رِدْءًا}، و {عَسَى رَبِّي أنْ يَهْدِيَنِي}، {إنِّي أخاف}، {ربي أعلم}، {لعلي أطلع}، {عندي أولم}، {قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ}، فَتَحَهُنَّ نافعٌ إلا قوله: {مَعِي رِدْءًا}.
وفتح ابنُ كثيرٍ وأبو عمرٍو تسعًا، الباقون «ستجدني» «وإنِّي أريد»، و «مَعِيْ رِدْءًا»، وفتح عاصمٌ فِي رواية حفصٍ «مَعِيَ رِدْءًا» وأسكن الباقون كلَّ ذَلِكَ.