وقولُه تَعَالى: {إنَّما اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُوْنِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ}.
فِيهِ ستُّ قِرَاءَاتٍ:
قرأ حمزةُ وحفصٌ عن عاصمٍ: «مَوَدَّةَ» بالنَّصب والإضافة.
وقرأ نافعٌ وابنُ عامرٍ وأبو بكرٍ، عن عاصمٍ: «مودةً» بالنَّصب والتنوين، ونصب «بينَكُم» عَلَى الظَّرف.
وقرأ ابنُ كثير وأبو عَمْرٍو والكِسَائِيُّ ««مودةُ بينكم» بالرَّفع والإضافة.
وروى الْأَعْمَش عن أَبِي بكرٍ، عن عاصمٍ «مودةٌ» بالرفع والتَّنوين ويَنصب بينَكُم فمن رفع فله مَذْهَبَان:
أحدُهما: يجعل إنما كلمتين ويكون: «ما» بمعنى «الَّذِي»، وهو اسمُ «إن» و «مودةُ» خبرُ «إن» ومفعول «اتخذتم» «ها» محذوفة، وتلخيصه: إن الَّذِي اتخذتموه مودةُ بينكم، قَالَ الشَّاعِرُ:
ذَرِيْنيْ إنَّما خطئي وصوبي ... على وإن ما أهلكت مال
يريد: أن الَّذِي أهلكه هُوَ مالٌ.
والمذهبُ الثاني: أن يرفعها بالابتداء و «في الحياة الدُّنيا» خبرها.
ومَنْ نصب جعل «المَوَدَّةَ» مفعول «اتخذتم»، ومن أضاف جعل «البين» الوصل.
ومن نوّن ولم يضف جعل «البين» ظرفًا، وهو الفِراقُ أيضًا، يقال: بينهما بينٌ بعيدٌ، وبونٌ بعيدٌ، وجلس زيدٌ بيننا، وبَيْنا بالإِدغام.
أخبرني ابن دريد، عن أبي حاتم عن الأصمعي: يقال: بان زيد عمرًا:
إذا فارقه بيونةً وبونًا. قَالَ الشَّاعِر:
كأنَّ عيني وقَدْ بَانُوا ... غَرْبًا يَضُوْحُ عندَ مجنون
والقراءةُ الخامسةُ: ما حَدَّثَنِي أَحْمَد، عن عليّ، عن أَبِي عُبَيْد أن ابْنُ مَسْعُود قرأ «إنما اتخذتم من دون اللَّه إنَّما مَوَدَّةُ بَيْنِكُم».
وفي قراءة أُبَيِّ «إنَّما مَوَدَّةُ بَيْنِهم» فهذه القراءة السَّادسة.
وقولُه تَعَالى: {ولُوْطًا إذْ قَالَ لِقَومِهِ إنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الفاحِشَةَ}.
قرأ نافعٌ وابن كثير وابن عامر وحفص، عن عاصم «إنكم» على الخبر من غير استفهام «أإنكم» بالاستفهام.