للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باتت حواطب ليلى يلتمسن لها ... جزل الجذى غيرَ خوَّارٍ ولا دَعرِ

الدَّعُرِ من الحَطَب: المدخن المؤذي. ويُسمى الرَّجُلُ العَيَّاب المؤذى الداعر تشبيها بالعود الدَّعِر، والعامةُ تصحف فتقول: ذاعر بالذال، وهو خطأ.

وإنما الذَّاعر المفزع، يقال: ذَعَرَ فلانٌ فلانًا: إذا أفزعه. قال الشَّاعِر:

وماءٍ قَدْ وَرَدتُ لِوَصْلِ أَرْوَى ... عَلَيْهِ الطَّيْرُ كالوَرِقِ اللُّجَيْنِ

ذعرت به القطا ونفيت عنه ... مقام الذئب كَالرَّجُلُ اللَّعِيْنِ

فجَذوة وجِذوة وجُذوة لغات ثلاث بمعنًى، وهو الخشب فِي رأسه نار، ومثله رغوة اللبن، ورغوة، ورغوة.

وقوله تعالى: {واضمم إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ}.

قرأ أهلُ الكوفة وابنُ عامرٍ بضم الرَّاء.

وقرأ الباقون: «من الرَّهَبِ» بفتح الراء، والهاء.

وروى حَفْصٌ عن عاصمٍ: «من الرَّهْبِ» بفتح الراء، وجزم الهاء، فَقَالَ قومٌ: هُنَّ لغاتٌ ثلاثٌ معناه: الفزع والرهبة، أي: اضمم إليك يديك، وهما جناحا الرجل. كما أن الأذن قمع، والعين مسلحة، والقلب أمير؛ لأنه لما ألقى عصاه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فصارت جانًّا تَثَنَى رَهِبَ وفَزِعَ فأمره اللَّه أن يضمَّ إليه جناحَيْه ليذهبَ عَنْهُ الفَزَعُ.

فَقَالَ مجاهدٌ: كُلُّ من فَزِعَ من شيءٍ فضمَّ جَنَاحَهُ إليه - أي: يَدَيْه - وقرأ هذه الآية ذهب عَنْهُ الفَزَعُ، ومن آوى إلى مضجعه فقرأ: «قل يا أيها الكَافِرُوْنَ» لم يَفْزَع فِي نَوْمِهِ.

وقال آخرون: الرُّهْبُ بالضَمِّ: الكُمُّ: يقال للكُمِّ: رِدْنٌ وأردانٌ ورُهْبٌ ورُهْبَانٌ وقِنٌّ وأَقْنَانٌ.

قال الشَّعْبِيُّ: دخلتُ حيًّا من أحياءِ العَرَبِ لأَسألهم عن الرُّهب فدللتُ إلى أفصحِ مَن فِي الحَيِّ فصادَفُتهُ غائبًا عن بيته. وخرجت بُنَيَّةٌ له تروّح عشراوية فقلتُ لها: أيْ بُنَيَّة أينَ أبوك؟

فَقَالت: إن دَلَلْتُكَ عَلَى أَبِي أنطيتني ما فِي رُهْبِكَ؟ فنَثَرْتُ كسرات كانت فِي كُمِّي، فأعطيتها ورَجَعْتُ. وقال قومٌ: الرَّهْبُ بالإِسكان لا يكون مخففًا من مُثَقَّلٍ، لأنَّ العَرَبَ

<<  <   >  >>