للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال آخر:

ألا يا اسلمي يَا هِنْدُ هِنْدَ بَنِي بَدْرِ ... وإنْ كانَ حيانا عدى آخر الدهر

يريد: ألا يا هَذِهِ اسلمي، واحتجَّ الكسائيّ بما حدثني ابن مجاهد عن السمري، عن الفَرَّاء، قَالَ: فِيْ حرفِ عبدِ الله: «هَلَّا يسجدون» ف‍ «هلا» تحضيض من السُّجودِ. وفي حرف أُبيّ: «ألا تَسجدون للذي يَعْلمُ سرَّكُم وجَهْرَكُمْ» وفي مصحفنا: «الذي يُخرجُ الخَبْءَ فِيْ السَّمَاوَاتِ» المَطَرُ. وفي الأرضِ: النَّباتُ.

وقرأ الباقون: «ألَّا يَسْجُدُوا» ف‍ «يَسْجُدُوا» نصبٌ ب‍ «أن» وعلامة النَّصب حذف النًُّون. وتلخيصه: وزين لهم ألَّا يَسْجُدُوا. فمن قرأ بهذه القراءة لَزِمَه أن لا يَسجد فِيْ هَذِهِ الآية، سَمعتُ ابنَ مجاهدٍ يَقُولُ ذَلِكَ، وكذلك قَالَ غيره من العُلماء، لأنَّه خبرٌ لا أَمرٌ.

وقولُه تَعَالى: {وَيَعْلمُ ما تُخْفُوْنَ وَمَا تُعْلِنُوْن}.

قرأ الكسائيُّ وحفصٌ عَنْ عاصمٍ بالتاء أي: قُل لهم يا مُحَمَّد. والله تَعَالى يعلم السِّرَّ وأَخفى. قِيلَ: وأَخفى أي: ما حدَّثت بها أَنفسها. والسِرُّ: ما تُخفيه عَنْ المخلوقين.

وقرأ الباقون بالياءِ، ومعناه: الله يعلم ما يُسر ويُعلن هَؤُلَاءِ الكَفَرَة؛ لأنَّهم كانُوا يزنون فِيْ السِّرِّ، ولا يَزنون فِيْ العَلانِيَةِ، يتوهمون أنَّهم لا يُطالبون بذلك، وكانُوا يخفون عَنْ المَخلوقين ولا يَستحيون من الله، فأعلمهم الله تَعَالى أَنَّهُ يطالبهم ويعذِّبهم عَلَى السِرّ والجَهْرِ، وأنَّه لا يَخْفَى عَلَيْهِ خافيةً، وَقَالَ: {يَسْتَخْفُوْنَ مِنَ النَّاسِ وَلَاْ يَسْتَخْفُوْنَ مِنَ اللهِ» و {إنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}.

وقولُه تَعَالى: {فأَلْقِهْ إِلَيهِمْ}.

أسكنَ الهاءَ حَمزةُ وعاصمٌ وَأَبُو عَمْرٍو.

وكسرَ الهاءَ من غير ياءٍ نافعٍ فِيْ رواية قالون.

وقرأ ابنُ كَثيرٍ والكِسَائِيُّ وورشٌ، عَنْ نافعٍ، «فَأَلْقِهِيْ إِلَيهِمْ» بياءٍ بعد الكسرة.

وقد ذكرت علة ذَلِكَ فِيْ آل عمران.

ومعنى «ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ» أي: اختفِ عَنْهُمْ، ثُمَّ انظر ماذَا يقولون.

وَقَالَ آخرون: معناه: التَّقديم والتَّأخير أي: فانظر ماذا يرجعون. ثُمَّ تَوَلّ عنهم.

<<  <   >  >>