كَمُلَ بالكسر وكُّل ذات صوابٌ. ومعنى {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍْ} أي: غيرَ طويلٍ.
والبَعِيْدُ والطَّوِيْلُ بمعنًى.
وقولُه تَعَالى: {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ}.
روى عَبْدٌ عَنْ أبي عَمْرٍو: «لَاْ يَحْطِمَنْكُمْ» بتخفيف النون وإسكانها جعلها نون التَّأكيد خفيفةً مثل اِضْرِبَنْ واذْهَبَنْ.
والباقون يشدِّدون، وهو أبلغُ فِيْ التأكيد. والعرب تَقُولُ: اضرب يا فتى فإذا كثر قالوا: اضربَنْ فإذا زادوا عَلَى التأكيد تأكيدًا قالوا: إضربَنَّ بالتَّشديد. ومثله «وَلَا يَغُرَنَّكُمْ بالله الغرور» و «ولا يَغُرَّنْكُمْ» وأَصل الحَطْمِ: الكَسْرُ يقال: حَطَمَ يَحْطِمُ وحَطَمَ يَحْطُمُ، وفلانٌ حَطَّمَتْهُ السِنُّ.
وقولُه تَعَالى: {من سبإ بنبإ يقين}.
فيه ثلاث قراءات:
قرأ أَبُو عَمْرٍو وابنُ كثيرٍ: «مِنْ سَبَأَ» غيرَ منصرفٍ جعلاهُ اسم أرضٍ، أَبُو بلدةٍ، أو امرأةٍ. قَالَ الفَرَّاءُ: سُئِلَ أَبُو عمرٍو لِمَ لَمْ تَصرف سبأ؟ فَقَالَ: لأنِّي لا أعرفه. فقال الفراء: وقد جرى؛ لأن العربَ إِذَا لم تَعْرِفْ الاسم تَرَكَتْ صَرْفَهُ.
وقرأ الباقون: «من سبأٍ» مصروفًا، وكذلك اختلافهم فِيْ سورة سبأ، أَنشدَ ابنُ عَرَفَةَ - حجَّةً لمَنْ صَرَفَ -:
الوَارِدُوْنَ وَثَيْمٌ فِيْ ذُرى سَبَأٍ ... قَدْ عَضَّ أَعْنَاقُهُمْ جِلْدُ الجَوَامِيْسِ
والقراءةُ الثانيةُ: ما قرأت على ابن مجاهد عن قنبل، عَنْ ابن كثيرٍ «سَبَأْ بنبأٍ يَقِيْنٍ» ساكنةَ الهمزةِ، وإنما أسكَنه لأنَّ الاسمَ مؤنثٌ وهو ثقيلٌ والهمزةُ ثقيلةٌ فلما اجتمع ثقيلان أسكن الهمزة تخفيفا. ومثله «فتوبوا إلى بارئكم» قراءة أبي عَمْرٍو «ومَكْرُ السَّيءْ وَلَا يَحِيْقُ» كذلك قرأها حمزة.
وقولُه تَعَالى: {أَلَّا يَسْجُدُواْ لله}.
قرأ الكِسَائِيُّ بتخفيف ألا جعله تنبيها وقف. ألا يا زَيْد، ألا يا هَؤُلَاءِ اسجُدوا، تقولُ العربُ: ألا يرحمونا، يريدون: ألا يا هَؤُلَاءِ ارحمونا. وإنما اختارَ الكسائيُّ التَّخفِيْفَ ولفظَ الأمرِ، لأنَّها سَجْدَةٌ، قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلَا يَا اسلمي يا دارمي عَلَى البَلَا ... ولا زَاْلَ مُنْهَلًّا بِجَرْعَائِكِ القطْرُ