إسرائيل، ومعناه: أو لم يكن آية مُعجزة ودلالة ظاهرة عَلَى بني إسرائيل بمحمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيْ الكُتُب إلى الأنبياء قبله أَنَّهُ نَبِيٌّ، وأن هذا القُرآن من عندِ الله عزَّ وجلَّ، ولكنه لَمَّا {جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} عَلَى بَصيرةٍ ليكون أوكد فِيْ الحجة عليهم.
وقرأ الباقون: «أَوَ لم يكن» بالياء «ءاية» بالنَّصب خبر كان واسم كان «أَنْ يَعْلَمَهُ» وهو الاختيار لأن «ءاية» نكرةٌ و «أن يعلمه» معرفةٌ، وإذا اجتمعت معرفة ونكرة اختير أن يجعل المعرفة اسمَ كان والنكرة خبره. وسيبويه لا يجوز ذَلِكَ إلا فِيْ ضرورة شاعر نحو قول حسان:
كأنَّ سُلَافَةً مِنْ بَيْتِ رَأْسِ ... يَكُوْنُ مِزَاجَهَا عَسَلٌ وَمَاءُ
قوله: «من بَيْتِ رَأْسٍ» أي: من بيتِ رئيسٍ تُسمى العَرَبُ السَّيدُ رأسًا، قَالَ عَمْرٌو:
بِرَأْسٍ مِنْ بَنِيْ جُشَمٍ بنِ بَكْرٍ
و«بيتُ رأسٍ» موضعٌ بالشَّامِ تتخذ فيه الخمر.
قرأ نافع وابن عامر: «فَتَوَكَّلْ» بالفاء وكذلك فِيْ مصاحف أهل المدينة والشَّام.
وقرأ الباقون: «وتوكل» بالواو، وكذلك فِيْ مصاحفهم: والتُّوكُّلُ عَلَى الله هو:
أن يقطعَ العبدُ جميع آماله من المخلوقين إلا منه، فيرزقه الله من حيث لا يحتسب، ألم تسمع قوله: {ومَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهْوَ حَسْبُهُ}. وقيل فِيْ قوله: {اتقوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}. قَالَ: هو أن نتوكَّل عَلَى الله ونُطيعه ولا نَعْصيه ونَذْكُرُه ولا نَنْساه ونَشكره ولا نَكفره. جاء فِيْ الحديث: «لو اتَّكَلْتُمْ عَلَى اللهِ حقَّ التَّوَكُّلِ لَغَرَّكُمْ كَمَا يَغِرُّ الطَّائِرُ فَرْخَهُ» أي لزقكم كَمَا يزقُ الطَّائر فرخه، وجاءَ فِيْ حديثٍ آخر: كَمَا يزق الطَّائِرُ بُجَّهُ»، والبُجُّ: الفَرْخُ، والبُجُّ: الشَقُّ، فأما البَجَّةُ فاسمُ صَنَمٍ قَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أخرجوا صدقاتكم فإنَّ الله أراحكم من السَجَّة والبَجَّة».
وقولُه تَعَالى: {والشعراء يتبعهم الغاوون}.
قرأ نافع واحده: «يَتْبَعُهُمُ» مخففًا من تَبعَ يَتْبَعُ.
وقرأ الباقون: «يَتَّبِعُهُمْ» من اتَّبَعَ يتبعُ. فتَبعَ: سارَ فِيْ أثره واتَّبعه لَحِقَه ذُهُوْلًا.
والشُّعراء: هُمْ الكُفَّارُ الَّذِيْنَ كَاْنُوا يهجون رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم -