وقرأ الباقون: «فَرِهِيِن» بغير ألفٍ أي: أشرين بطرين يقال: رجل فره أي: بر، ورجل فارةٌ: أي حاذقٌ، ورجل فاهر الهاء قبل الراء: إِذَا جامع جاريةً فإذا قارب الفَراغ تحوَّل إلى أخرى، والحاءُ من «تنْحِتُون» مكسورةٌ إلا الحَسَنَ فإنه قرأ:
«وتَنْحَتُونَ» بفتحِ الحاء لغتان يَنْحِتُ ويَنْحَتُ مثل: صَبَغَ يَصبِغُ ويَصْبَغُ.
وقولُه تَعَالى: {أَصْحَابُ الأَيكَةِ}.
قرأ ابنُ كثيرٍ ونافعٌ وابنُ عامر: «لَيكَةَ» بفتح اللام والهاء بغيرِ ألفٍ، وكذلك فِيْ «صَ» اتَّبعوا المُصحف، ولأنهم جعلوا «لَيكَة» اسمُ موضعٍ بعينه فلم يَصرفوها للتأنيث والتعريف، وتجمع «لَيكة» لَيْكًا مثل بَيْضةٍ وبَيْضٍ. هذا قول، والأجود أن يجعل «ليكة» مخفَّفا من الأَيْكَةِ، فنقلوا فتحة الهمزة إلى اللام وأسقطوا كَمَا تَقُولُ: هذا زَيْد الأحمرُ، ثُمَّ يُخفف فتقول: هذا زيدٌ اَلَأحْمَر فكذلك أصحاب الأيْكَهِ. وكذلك قرأها ورشٌ أعني فِيْ «الحجر» «وأصحابُ الَيْكَةِ» ثلاثُ لُغَاتٍ فاعرف ذَلِكَ.
وقرأ الباقون جميعَ ما فِيْ القرآن: «وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ» بالهمز وكسرِ الهاء.
والأيْكَةُ فِيْ اللُّغة: أرضٌ ذاتُ شَجَرٍ ملتَفٍّ كثيرٍ.
وقولُه تَعَالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوْحُ الأمِيْنُ}.
قرأ ابنُ كثيرٍ ونافعٌ وَأَبُو عَمْروٍٍ وحَفْصٌ عَنْ عاصمٍ «نَزَلَ» خَفِيْفًا.
وقرأ الباقون: «نَزَّلَ» مشدَّدًا. فمن شدَّد قَالَ: شاهدُه: {فإنَّه نزَّلهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإذْن اللهِ}. ولم يقل: نَزَل، وشاهده أيضًا قوله: {وإنَّه لَتَنْزِيْلُ رَبِّ العَالَمِيْنَ}.
وتنزيل مَصدرُ نَزَّل بالتَّشديِد.
وحجَّةُ مَنْ خفَّفَ قَالَ: تنزيل فعل الله تَعَالى، وهذا فعلٌ لجبريل عَلَيْهِ السَّلام، فيقال: نزَّل لله جبريل ونزل جبريل. وأمَّا قوله: {فَإنَّه نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} بالتَّشديد ولم يَقُل نَزَلَهُ فإنه من أجل حذف الباء، لأنَّك تَقُولُ: نَزَلْتُ بِهِ وأَنْزَلْتُه كَمَا تَقُولُ كرمت بِهِ وكرَّمته، وكلتا القراءتين حَسَنَةٌ والحمدُ لله. من شدَّد نصب الروحَ أي: نَزَّلَ اللهُ الرُّوْحَ وهو جبريل، ومن خفَّف رفع الروح جعل الفعل له.
وقوله تعالى: {أولم يَكُنْ لَهُمْ آيَةً}.
قرأ ابنُ عامرٍ وحده «أو لم تكن» بالتاء «لهم ءاية» بالرَّفع جعلها اسم تكونُ وخبرُ يكون «أَنْ يَعْلَمَهُ» لأن أن مَعَ الفعل مصدر، والتَّقدير: أو لم يكن لهم آية علمه بني