وقرأ الباقون «وَحَرامٌ» وهما لُغتان حِلُّ وحَلالٌ، وحِرْمٌ، وحْرَامٌ. وقيل: وحِرْمٌ على قرية أي: واجب على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون. وقال معناه: يرجعون، ولا صلةٌ كما قال:
ما كانَ يَرْضَى رَسُولُ الله فعلهن ... والطَّيِّبَانِ أَبُو بكرٍ ولا عُمَرُ
وقال آخر:
فَمَا ألومُ البيضَ ألَّا تَسْحَرَا ... لَمَّا رأينَ الشمط القفندر
معناه: أن تسحر ولا زائدةٌ.
وقولُه تَعَالى: {لِلكُتُبِ كَمَا بَدَأنَا}.
قرأ حمزةُ، والكِسَائِيُّ، وحفصٌ عَنْ عاصمٍ للكُتُبِ جمعًا.
وقرأ الباقون «للكتابِ» واحدًا. وقد تقدمت علّته في البقرة.
وقولُه تَعَالى: {وَلَقَد كَتَبْنَا في الزَّبُوْرِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ}. «قرأ حمزةٌ «في الزُّبور» بالضَمِّ.
وقرأ الباقون بالفتح. وقد تَقَدَّمت علته في النّساء. وإنما أعدت ذكره. لأنَّ العلماء قالوا: إن بعد هاهنا بمعنى قبل، والذكر القرآن، والأرض أرض الجنة، فمعناه، ولقد كتبنا في زبور داودَ من قبل القرآن: أنَّ أرض الجنة يرثها عبادي الصالحون.
وقوله تعالى: قل {رب احكم بالحق}.
فيه أربع قراءات:
فروى حفص عن عاصم «قل ربِّ» على الخبر.
وقرأ الباقون: «قلَ ربِّ» على الأمر.
فإن قَالَ قائلٌ: الله تَعَالى لا يحكم إلا بالحق. فلم يقول «رَبِّ احُكُمٍ بالحَقِّ»؟
فقل: التَقدير: احكم بحكمك يا ربّ. ثم سّمى الحكم حقًّا.
والقراءة الثالثة «ربِّ احكم» بضم الباء. قرأ بذلك أبو جعفر يزيد بن القعقاع.
وأنه جعله نداء مفردا مضافًا، كَمَا تَقُول: يا ربُّ، ويا ربِّ.
ويا قومُ اعبدوا الله، ويا قومِ.
ويجوز أن يكون اختلس كسرةَ الياء، لأنّ الخروج من كسرٍ إلى ضمٍّ شديدٌ، فأشمَّها الضَمَّ. كَمَا قرأ أيضًا: «وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا» بضم الهاء.